كارثة فيروسية تُهدد “الهند” البلد الآسيوي ذات الكثافة السكانية العالية والذي يُعد ثاني أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، بعد أن تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن فيروس “كورونا” المستجد في البلاد مائة ألف، وهي الكارثة التي تخوَّف منها العلماء منذ يناير الماضي مع تسجيل أولى الإصابات بالفيروس، خاصة وأنها تشكل بيئة ملائمة لاحتضان الفيروسات وانتشارها بحسب خبراء الصحة.
فجاءت أحدث حصيلة لها أن 100,842 شخصاً توفوا حتى اليوم السبت، جراء الفيروس في البلاد، ما يجعل الهند ثالث دولة لناحية عدد الوفيات المرتبطة بكوفيد-19 في العالم بعد الولايات المتحدة والبرازيل، وعلى صعيد الإصابات، سجلت الهند 6,47 مليون حالة، فيما يبدو أنها ستتجاوز الولايات المتحدة خلال أسابيع كالبلد الذي أعلن أعلى عدد من الإصابات، وفق وسائل إعلام.
نظام المراقبة
وقال الخبير في علم الأوبئة تي. جاكوب جون لوكالة فرانس برس “لا نعرف إلى أي درجة يمكن الاعتماد على معدلات الوفيات الصادرة عن الهند”، وأضاف “لا تملك الهند نظام مراقبة للصحة العامة يسجّل بشكل فوري كل الأحداث والوفيات المرتبطة بالأمراض”، وعلى الرغم من إجرائها نحو مليون فحص كل يوم، تعد نسبة السكان في الهند الذين يخضعون لفحوص كوفيد-19 أقل بكثير من دول أخرى عديدة، كما تشير سلسلة دراسات تقيس الأجسام المضادة للفيروس لدى سكان الهند إلى أن العدد الفعلي للمصابين أعلى بكثير من الأرقام الرسمية.
رفع تدابير الإغلاق
في الوقت ذاته، تمضي حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قدما في فتح ثالث أكبر اقتصاد في آسيا رغم ارتفاع عدد الإصابات، ولم تفشل تدابير الإغلاق المشددة التي فرضت في آذار/مارس بوقف تفشي الوباء فحسب، بل تسببت بمعاناة لملايين السكان الذين وجدوا أنفسهم فجأة عاطلين عن العمل.
انكماش الاقتصاد
أما عن الاقتصاد الهندي الذي كان يعاني حتى قبل تفشي الوباء، بنسبة 24 في المئة في الربع الماضي من العام، في تراجع يعد بين الأشد لأي اقتصاد كبير في العالم، ولا يزال تعليق رحلات الطيران التجارية مستمرا رغم أنه تم السماح بتشغيل خدمات محدودة، خصوصا تلك التي تتيح للمواطنين العودة إلى البلاد، أما القطارات والرحلات الجوية الداخلية والأسواق والمطاعم، فأعيد فتحها وسمح لها باستئناف خدماتها مع مراعاة بعض القيود.
فتح المدارس ودور السينما
وأكدت الحكومة الأربعاء أنه سيعاد فتح كل المدارس إضافة إلى دور السينما وحمامات السباحة لكن بشروط، وستسمح ولاية أوتار براديش التي تعد مئتي مليون نسمة، بالمناسبات الدينية اعتبارا من 15 تشرين الأول/أكتوبر، ما يفسح المجال أمام تنظيم تجمّعات كبيرة في موسم الأعياد الهندية المقبل، كما ستسمح ولاية بيهار لناخبيها البالغ عددهم 70 مليونا الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة التي ستكون الأكبر على صعيد العالم منذ بدأ الوباء.
وأشار ديلدار سينغ رانا (57 عاما) إلى أن قطاع الضيافة الذي يعمل فيه شهد “دمارا” ولا بديل عن إعادة فتحه رغم الأخطار الصحية، وقال لوكالة فرانس برس “الفيروس يتفشى… لكننا نخشى أن نخسر أمام منافسينا الأكثر ثراء ولذا علينا الخروج وإطلاق أعمالنا التجارية”.
أما بريا هيمناني (25 عاما) التي تم تسريحها من عملها خلال فترة الإغلاق، فأشارت إلى التداعيات النفسية للوباء على السكان، وقالت لوكالة فرانس برس “الاكتئاب والقلق والضغط النفسي باتت كلها جزءا من نمط حياتي اليومية”.
مفاجآت علمية
وقد أحدثت حالة مرضى كثيرين بـ”كوفيد 19″ في الهند، حيرة في الأوساط الطبية والبحثية، وكشفت دراسة طبية ضخمة أن بيانات المصابين بفيروس كورونا في الهند، وعددهم يتجاوز 6 ملايين، تحمل الكثير من المفاجآت، وفقاً صحيفة “نيويورك تايمز”.
تفاوت مدة الاستشفاء
ويرى الباحثون أن العمل الأكاديمي المنشور في صحيفة “جورنال” ساينس” ربما يقدم دليلا مفيدا للدول ذات الدخل المتوسط، ومن بين المفاجآت التي كشفتها الدراسة: تفاوت مدة الاستشفاء من فيروس كورونا بعد الإصابة بالعدوى، إذ يصل متوسط هذه المدة إلى 5 أيام فقط في الهند بينما تمتد إلى أسبوعين في الولايات المتحدة.
لكن هذا التفاوت قد يكون ناجما عن ضعف البنية الطبية في البلد الآسيوي مقارنة بالولايات المتحدة، لأن عددا من المرضى في الهند ربما يجدون صعوبة في العثور على سرير طبي يُعالجون فيه، حتى يتماثلون للشفاء، مما قد يؤثر على الأرقام الإجمالية.
انخفاض نسبة الوفيات
وعن المفاجأة الثانية في الدراسة، فهي انخفاض نسبة الوفيات بين المسنين الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر، بينما يشاع طبيا أن كبار السن هم الأكثر عرضة لأن يصابوا بالأعراض الأشد لفيروس كورونا الذي ظهر في الصين أواخر العام الماضي ثم تحول إلى جائحة عالمية.
ولا يخلو هذا الأمر بدوره من الجدل، لأن بعض الباحثين يرجحون أن تكون الهند قد كسرت هذه القاعدة لأن الفقراء قلما يعيشون أكثر من 65 سنة بسبب ظروفهم الاجتماعية الصعبة وضعف نظام الرعاية الصحية، فيما يشكل الأثرياء نسبة مهمة ممن يعيشون حياة مديدة.
الأطفال مفتاح تفشي “كورونا”
وأوضحت الدراسة التي تعقبت المخالطين أن الأطفال قد يصابون بفيروس كورونا، بغض النظر عن أعمارهم، وهو ما يؤكد أن هذه الفئة ليست في مأمن من الوباء، وعلى صعيد آخر، أوضحت الدراسة أن فئة محدودة من حاملي الفيروس هي التي تؤدي غالبا إلى انتشاره على نطاق واسع.
وكشفت أكبر دراسة لتتبع أسباب انتشار عدوى فيروس كورونا فى الهند أن COVID-19 ينتقل بشكل رئيسى عن طريق الأطفال فهم مفتاح انتشار فيروس كورونا، ووفقا لتقرير لصحيفة timw now news, وجدت الدراسة التى أجريت على أكثر من نصف مليون شخص في الهند أن كلا من الحالات والوفيات بسبب المرض كانت مركزة بشكل كبير فى الفئة العمرية 40-69 عامًا مقارنةً بالبلدان ذات الدخل المرتفع، من بين اتجاهات أخرى.
كما وجد الباحثون انتشارًا مرتفعًا للعدوى بين الأطفال الذين كانوا على اتصال بحالات أخرى فىي حدود أعمارهم، وأشارت الدراسة إلى أن المخالطين من نفس العمر مرتبطون بأكبر مخاطر الإصابة وهو نمط قال الباحثون إنه كان أقوى بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0-14 سنة، وبين البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا.