شدد الكاتب الصحفي علي آل شرمة؛ على أنه لا تحقيق للسعودة وأهدافها دون توطين الوظائف القيادية، مؤيداً توجه مجلس الشورى إلى الموافقة على تعديل نظام العمل، وتوطين القيادات بالشركات بنسبة 75 في المئة، لافتاً إلى أن عودة أعداد كبيرة من المبتعثين المؤهلين للقيادة، توفر كوادر لتلك الوظائف.
“الشورى” سيوافق على توطين الوظائف القيادية
وأوضح الكاتب في مقالة بعنوان “توطين الوظائف القيادية يحقق أهداف السعودة” بصحيفة “المدينة”، قائلاً: “أشارت الصحف المحلية خلال الأيام الماضية، إلى أن مجلس الشورى في طريقه للموافقة على تعديل نص الفقرة الثانية من المادة 26 في نظام العمل، والمعنية بتحديد نسبة السعوديين في منشآت القطاع الخاص، والتركيز على توطين القيادات بنسبة 75%. ويهدف المجلس من وراء هذا التعديل إلى إلزام شركات القطاع الخاص بتقليل نسبة استحواذ العمالة الوافدة واحتكارها للوظائف القيادية واحتفاظها بنسبة كبيرة منها، ولاسيما في بعض القطاعات الحيوية والمهمة”.
الشعب السعودي يؤيد
ووفقاً لما ذكرته صحيفة “سبق”، علق “آل شرمة” قائلاً: “هذا التوجه يجد موافقة كبيرة وتأييداً من أغلبية الشعب السعودي لأسباب عديدة في مقدمتها أن (عقدة الأجنبي) لا تزال تسيطر على عقلية بعض رجال الأعمال، بدليل أن معظم تلك الوظائف القيادية والإشرافية يمكن بسهولة شغلها بشخصيات سعودية، ولاسيما بعد رجوع أعداد كبيرة من الشباب السعودي بعد إكمال برامج الابتعاث ونيلهم شهادات مرموقة من أرقى وأرفع جامعات العالم، واكتسابهم المعرفة والدراية الشاملة، واطلاعهم على أحدث النظم الإدارية في كبريات الشركات الدولية بعد أن تلقوا فيها دورات تدريبية عملية”.
سيطرة الوافدين تهدّد الاقتصاد
وتابع “آل شرمة” قائلاً: ” كذلك فإن سيطرة العمالة الوافدة على تلك الوظائف تمثل تهديداً حقيقياً على الاقتصاد السعودي، لأن تلك الشركات تشكل أهمية كبرى بما تملكه من إمكانات كبيرة، إضافة إلى أنها تهدد برامج ومبادرات التوطين وتحول الشباب السعودي إلى مجموعة من العمال للوظائف الهامشية ذات الدخل المحدود التي لا توفر لهم فرصة الحصول على دخل كافٍ، أو على خبرات نوعية ولا تؤهلهم في المستقبل للإمساك بمقاليد الأمور، وكل ذلك يتسبب في عدم شعورهم بالرضا الوظيفي وبالتالي يتنقلون من مكان إلى آخر بحثاً عن بيئة عملية تلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم”.
السعودة ليست توظيفاً فقط
ونوه الكاتب أن السعودة ليست توظيفا فقط، ويقول: “لا يختلف اثنان في أن برامج السعودة التي تبنتها الدولة لم تهدف لمجرد إيجاد فرص وظيفية متدنية للشباب، أو استبدال الأجنبي بالسعودي، بل إن الهدف الرئيس منها هو رفع كفاءة الشباب وتمكينهم من المنافسة العادلة في سوق العمل عبر تمليكهم الأدوات المناسبة، لذلك فإن المطلوب من رجال المال والأعمال ليس مجرد توفير الوظائف، بل إيجاد الفرص الحقيقية للتدريب المتقدم والتطوير والتأهيل، لأن في ذلك تحقيقاً للأمن الاجتماعي ورفعاً لمستوى المعيشة ودعماً للاقتصاد الوطني، وتوفيراً للأموال الطائلة التي تهدر سنوياً بتحويل أموال العمالة الوافدة للخارج، إضافة إلى الإسهام في تقليل نسبة الجرائم والظواهر الاجتماعية السالبة”.
رفع كفاءات القدرات الوطنية حسب “الرؤية”
واستطرد ” آل شرمة”، قائلاً: “وقد أفردت (رؤية المملكة 2030) اهتماماً واسعاً برفع كفاءات القدرات الوطنية، والعمل لتطويرها، وإحلالها تدريجياً محل العمالة الوافدة، وتقليل نسبة البطالة بين الشباب السعودي بدرجات محددة سنوياً، سعياً لتحقيق الأمن الاجتماعي للمواطنين، ورفعاً لمستوى معيشة المواطن، وتحفيزاً للشباب للإسهام في تنمية أوطانهم. فهي ليست مجرد رؤية اقتصادية لتفعيل الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، بل إن الجانب الاجتماعي نال فيها اهتماماً لم ينله سواه، وحظي الإنسان السعودي بقدر كبير من الاهتمام والعناية، لأن الاستثمار في الثروة البشرية هو أفضل أنواع الاستثمار، وتنمية القوى البشرية أكبر وأجل الغايات، ولاسيما في مجتمعنا الذي يمتاز بأنه مجتمع شبابي، أعمار أغلبية عناصره تراوح بين الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين”.
المبتعثون أمل الوطن
وفي السياق ذاته، شدد “آل شرمة” على دور المبتعثين قائلاً: “عودة أخرى إلى موضوع الابتعاث، أقول إن هؤلاء المبتعثين يمثلون أملاً لهذا الوطن، بعد أن صرفت عليهم الدولة مليارات الدولارات وأرسلتهم إلى الخارج، لنيل أرفع الشهادات العلمية، من أشهر جامعات العالم. ورغم نجاحهم اللافت فإنهم لم يشكلوا الإضافة المرجوة منهم لأن كثيراً من الشركات الوطنية لا يزال ينظر إليهم على أنهم مجرد خريجين وتطالبهم بإبراز شهادات الخبرة، وهذا من وجهة نظري غاية التعسف وحجة يرفضها المنطق، لأن واجبنا أن نستوعب هؤلاء الشباب، ونعطيهم الفرصة حتى يكتسبوا الخبرة، وإلا فكيف يستقيم أن نطالبهم بتوافر سنوات طويلة من الخبرة ونمتنع عن استيعابهم، فمن أين سيكتسبونها؟.. أما أولئك الذين ما زالوا يتمسكون بأفكار خاطئة بأن الشباب السعودي لا يتمتع بالجدية الكافية التي تدفعه إلى سوق العمل، وظلوا يفتعلون المشكلات والأزمات والحجج الواهية للاستمرار في تنفيرهم من العمل، وتكليفهم بأعمال شاقة لا تتناسب مع مؤهلاتهم، ومنحهم مخصصات ورواتب زهيدة لا تكاد تكفي الاحتياجات الرئيسة.. فهؤلاء قطعاً ليسوا رجال المرحلة لأنهم لا يفكرون فيما يتجاوز مصالحهم الذاتية وتحقيق الأرباح الوقتية”.
آثار إضافية للتوطين
وختم الكاتب قائلاً: “لكل ما سبق، فإن التوجه لتوطين القيادات الوطنية في الوظائف القيادية ستكون له آثار إضافية تتمثل في زيادة توطين الوظائف الأقل درجة، لأن تلك القيادات السعودية ستسعى بطبيعة الحال لزيادة تدريب وتأهيل الشباب السعودي للانخراط في العمل في القطاع الخاص، بعد أن ذاقوا مرارة الانتظار وعاشوا تجربته”.