أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “حفظه الله”، أن “الإمارات من أوائل دول المنطقة التي أولت حماية البيئة والتصدي لتبعات التغير المناخي اهتماماً كبيراً من خلال اعتماد سياسات خضراء وإطلاق مبادرات رائدة في هذا القطاع الحيوي”، مضيفاً سموه: “يجب تعزيز الخطط الرامية لحماية النظم البيئية لدينا والحفاظ على مواردنا من الاستنزاف وتعزيز التنوع البيولوجي وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة الإنتاجية لضمان الحفاظ على ثرواتنا الطبيعية”.
يأتي ذلك في إطار اجتماع سموه مع فريق وزارة التغير المناخي والبيئة، اطلع خلاله سموه بحضور سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ومعالي محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء، على استراتيجية الوزارة في إطار التطوير الشامل لمنظومة العمل الحكومي في الدولة ضمن مرحلة ما بعد كوفيد-19.
وقال سموه: “تعزيز التنوع الغذائي وضمان أمن وسلامة المنتج الغذائي ورفع نسب الاكتفاء المحلي يجب أن يكون في صدارة أولويات ملف وزارة البيئة والتغير المناخي لمرحلة ما بعد كوفيد-19”.
وأضاف سموه: “يتعين دعم المنتجات الغذائية المحلية لتكون رافداً أساسياً في منظومة الأمن الغذائي ومساهماً حيوياً في تعزيز التنمية المستدامة”، وفق البيان.
ولفت سموه بالقول: “الاقتصاد الأخضر سيكون من الصناعات الحيوية في الدولة ومن الضروري توجيه خططنا المستقبلية بحيث تجمع بين حماية المنظومة البيئة والمناخية وتحقيق أعلى معدلات الاستدامة الاقتصادية والرفاه المجتمعي”، لافتاً سموه إلى أن: “مهمتنا الاستثمار الذكي في ثرواتنا الطبيعية والحفاظ على منظومتنا البيئية لبناء مستقبل مستدام للأجيال”.
وتابع سموه: “يجب توسيع شبكة شراكتنا الإقليمية والدولية بالاستناد إلى رؤية مشتركة تقوم على الحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للتغير المناخي والحفاظ على موارد هذا الكوكب وتنويع مصادر الطاقة”، موضحاً سموه بأنّ “أزمة كورونا العالمية علمتنا أن مصير الدول واحد ومستقبلنا متشابك.. ولا يمكن أن نعمل بمعزل عن المنظومة العالمية لحماية وطن عالمي هو الأرض”.
ومن جهته قدم معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، وزير التغير المناخي والبيئة، عرضاً شاملاً لاستراتيجية الوزارة في المرحلة المقبلة وأبرز الملفات الحيوية المطروحة في إطار التوجهات المستقبلية. وأشاد معاليه بجهود القيادة الرشيدة وحرصها الدائم على توفير كافة أشكال الدعم للمؤسسات والكوادر الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة في القطاعات الإنتاجية المختلفة، مؤكداً أن الوزارة تعمل وفق منهجية مشتركة مع كافة السلطات المختصة والجهات المعنية في القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق السياسات والأهداف الاستراتيجية للدولة ذات الصلة بمهامها واختصاصاتها.
وأفاد معاليه بأن “وزارة التغير المناخي والبيئة تدرك أهمية تطوير قطاع يتمتع بالمرونة والقدرة على تلبية احتياجات المجتمع بالاستفادة من المعارف والتقنيات والممارسات الجيدة”، لافتاً إلى أنه “على الرغم من الضغوط والتحديات التي يواجهها قطاع إنتاج الأغذية في الدولة، وفي مقدمتها التغير المناخي ومحدودية الموارد المائية، فإننا نثق بأن توظيفنا للتقنيات المتقدمة والممارسات الجيدة يجعلنا قادرين على التغلب على هذه التحديات، وخلق فرص أفضل لتنمية هذا القطاع وتعزيز مساهمته في الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني”.
وأضاف معاليه: “بناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قمنا بسلسلة من الزيارات الميدانية بالتعاون مع شركائنا في الدوائر المحلية شملت المنافذ الحدودية ومراكز المختبرات الغذائية وأصحاب الحيازات الزراعية والصيادين، وتعرّفنا على الضغوط والتحديات التي يواجهها قطاع إنتاج الأغذية وفرص التحسين، لتعزيز الخطط والجهود الرامية لتعزيز المنتج الغذائي وضمان أمنه وسلامته في المرحلة المقبلة، وكذلك توفير كل أشكال الدعم للمزارعين والصيادين”.
وأشار بقوله: “ما شاهدناه خلال زياراتنا للعديد من المزارع في الدولة من أنماط زراعية متطورة ومستدامة ومنتجات عالية الجودة تبعث الأمل في قدرتنا على تطوير هذا القطاع وتعزيز قدرة المُنتَج المحلي على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية على حدّ سواء”.
وأوضح النعيمي بالقول “جزء من الاستراتيجية المستقبلية لوزارة التغير المناخي والبيئة تستهدف تعزيز التنوع الغذائي ورفع نسب الاكتفاء الذاتي المحلي وفق أعلى معايير السلامة والأمان، كما تستهدف تعزيز تنافسية الدولة وتنمية الجوانب الاقتصادية للتجارة في المنتجات الغذائية للمحافظة على مكانة الدولة كمحطة رئيسية مهمة في مجال التبادل التجاري بالمواد والمنتجات الغذائية بمختلف أنواعها”.
وبين معاليه أن الوزارة تعمل مع شركائها على تطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وذلك من خلال دعم عمليات تسويق المنتجات الزراعية المحلية وتطوير قدرات المنتجين وتعزيز ربطهم بمنافذ البيع، ودعم برامج تشجيع إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وجذب المزيد من الاستثمارات وزيادة انخراط القطاع الخاص في مشاريع الإنتاج الغذائي.
كما تقوم الوزارة بالعمل على ضمان سلامة الغذاء من خلال العمل على إنشاء مختبر مرجعي بالتعاون مع القطاع الخاص، وتطوير وتوحيد معايير الرقابة في المنافذ الحدودية والأسواق، ومعايير السلامة الغذائية وتطبيقها ورفع معدلاتها، وبرنامج لاعتماد منشآت غذائية خارج الدولة لتسهيل انسيابية دخولها عبر منافذ الدولة.
وقال معالي النعيمي إن دولة الإمارات تضم تنوعاً برياً وبحرياً غنياً وأنظمة بيئية متعددة ومتباينة، والمحافظة على التنوع البيولوجي بشكل عام، والأنواع المهددة بالانقراض بشكل خاص من أوائل القضايا البيئية التي حظيت بالاهتمام في الدولة، لا سيما وأن الإمارات تحظى بسمعة مرموقة في مجال التنوع البيولوجي، وتحتل منذ عدة سنوات المرتبة الأولى عالمياً في معيار المحميات الطبيعية البحرية في مؤشر الأداء البيئي (EPI)، وهو واحد من أهم المؤشرات العالمية، حيث وصل عدد المحميات إلى 49 محمية تشكل أكثر من 15% من مساحة الدولة.
وفي هذا المجال، أشار معاليه إلى أن الوزارة وضعت الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وإعداد خارطة الإمارات الذكية لرأس المال الطبيعي، إضافةً إلى تحديد الأنواع الدخيلة والأنواع الغازية، التي يمكن أن تشكل آفات خطيرة على التنوع البيولوجي، ومساراتها، ووضع خطة لمكافحتها والحد من تأثيراتها.
وذكر النعيمي أن الوزارة تسعى حالياً إلى تأهيل المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي بالدولة لإعلانها مناطق محمية، واستكمال المشروع الوطني للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض وكذلك استكمال مشروع خارطة الإمارات الذكية لرأس المال الطبيعي وتحديث خارطة المواقع الهامة للطيور.
وشرح معالي عبدالله النعيمي خلال استعراضه خطة عمل الوزارة للمرحلة المقبلة أن البيئة البحرية تعتبر من أهم النظم الطبيعية وأغناها اقتصادياً وبيئياً، لافتاً إلى أن الوزارة حققت العديد من الإنجازات ضمن هذا الملف من أهمها إطلاق الخطة الوطنية للتغير المناخي، والبرنامج الوطني للتكيف، وإعداد الإطار الوطني لاستدامة الثروة السمكية، وتنظيم أنشطة وممارسات الصيد، وتحسين المخزون السمكي، وإعادة تأهيل المناطق ذات الحساسية البيئية، ووضع الإطار الوطني للحوكمة المستدامة للبيئة البحرية والساحلية، ووضع الخطة الوطنية لمكافحة الملوثات البحرية، ومراقبة التغيرات والظواهر الطبيعية في البيئة البحرية باستخدام الأقمار الصناعية وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ولفت معاليه إلى أن الوزارة ستواصل السعي لحماية البيئة البحرية والساحلية وتعزيز مرونتها والدور الاقتصادي المناط بها، وتعزيز الإمكانيات والقدرات الوطنية على الاستجابة في الحالات الطارئة.
وفيما يتعلق بجهود الوزارة في الحد من تداعيات التغير المناخي تطّرق النعيمي إلى الخطة الوطنية للتغير المناخي (2017-2050) وهي الأولى من نوعها في المنطقة، كما تناول مشروع القانون الاتحادي بشأن التغير المناخي، والبرنامج الوطني للتكيف مع التغير المناخي، مؤكداً بأن الوزارة ستواصل العمل على تطوير قدرات النمذجة المناخية والاقتصادية على المستوى الوطني باستخدام التقنيات الحديثة، بما فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي وبناء قاعدة بيانات وطنية للبيانات المناخية وإدارة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتحسين مصارف الانبعاثات الطبيعية والصناعية وإقامة المزيد من مبادرات الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في مجالي التخفيف والتكيف.
وبيّن معاليه أن جودة الهواء تمثل أحد القضايا ذات الأولوية في دولة الإمارات نظراً لانعكاساتها الصحية والاقتصادية والبيئية.
وأضاف بأن الدولة بدأت برصد جودة الهواء المحيط في عام 2007 من خلال شبكة من محطات الرصد الأرضية الموزعة على مستوى الإمارات تضم اليوم 54 محطة، حيث ستسعى الوزارة مع شركائها إلى تطوير استراتيجية وطنية لجودة الهواء لما بعد 2021 وإطلاق منصة وطنية مركزية لحالة جودة الهواء بالدولة وتحديث نظام حماية الهواء من التلوث ورفع نسبة جودة الهواء إلى 90% بحلول عام 2021، وفق الخطوط الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية، وإلى 100% وفق الحدود الوطنية بحلول عام 2040، وكذلك رفع نسبة الامتثال لمعايير المواد الجسيمية ذات القطر الأقل من 2.5 وفق الحدود الوطنية من 80% عام 2021، وإلى 90% بحلول عام 2040.
واستعرض معالي النعيمي مسألة النفايات بوصفها تمثل واحدة من القضايا ذات الأولوية في دولة الإمارات، لافتاً إلى أن الجهود منصبة حالياً على تقليل معدل توليد النفايات، وتحويلها من عبء إلى موارد اقتصادية من خلال إعادة تدويرها وتحويلها إلى طاقة. وقال بأن مشروع معالجة النفايات البلدية الصلبة في أم القيوين الذي يغطي إمارتي عجمان وأم القيوين، سيبدأ العمل في شهر سبتمبر الجاري، مشيراً معاليه كذلك إلى صدور القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2018 للإدارة المتكاملة للنفايات، وإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية موحدة لإدارة النفايات في الدولة.
وحول مستهدفات الوزارة خلال المرحلة المقبلة، قال النعيمي: “نهدف إلى رفع نسبة النفايات البلدية الصلبة المعالجة إلى %75، وتطبيق مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج، ووضع إطار تنظيمي وتشغيلي لتعزيز انخراط القطاع الخاص في صناعة إعادة التدوير لزيادة معدلات المعالجة وزيادة الاهتمام بتطوير الأبحاث الخاصة لتعزيز إعادة تدوير النفايات والاستخدام الأمثل للمنتجات المعاد تدويرها لتعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري وتطبيقاته.