أكد راني البيطار أن المجتمع اللبناني يعيش اليوم في تخبط وشرخ كبير في أواصل الحوار بين الأجيال، واختلاف القناعات والفكرة والبصيرة وطريقة النظر للأمور وتحليلها وروتين الحياة المختلف بين جيل وآخر بين أفراد العائلة الواحدة، موضحاً أن السطور القادمة ستركز على أهمية تبادل الحوار وإنشاء علاقة سليمة وصحية بين الأهل والأولاد لتأسيس عائلات تساهم في بناء مجتمع سليم .
وكشف البيطار أن الأهل والأولاد هم النوات، تبدأ الرحلة بقصة حب بين رجل وإمرأة، يتعهدون أمام ربهم بالوفاء، ونتاج هذا الحب تأتي حبة الحياة لتكون طفلا أو طفلة، ولتتكون الأسرة تحت سقف واحد يجتمعون على السراء والضراء، وعلى الكثير من الأفراح والأحزان، كيفية المشاركة والمواجهة هي سر النجاح ومن أهم أسرارها الجزور المتينة المبنية على أهم الدعائم.
وأوضح أن الحوار وتبادل الأفكار وزرع القناعة في فكر الأولاد والرضا في ما يقدمه الله لنا وعدم النظر إلى الغير بما لديه أو ما ينقصه.. بمعنى آخر مفهوم “القناعة كنز لا يفنى” والإنسان المجتهد يصل إلى النجاح من خلال محبته لبيته ولعمله وللحياة وبالاجتهاد. ومن العادات التي يتميز بها مجتمعنا وبدأنا رويدا رويدا نفقدها هي احترام مائدة الطعام وأدابها والحوار البناء والانصات إلى كبير العائلة، حيث يتم ترك الهواتف، هذه الوسائل التي هي من أهم عناصر تفكك العائلة.
ومن أساسيات العائلة تربية المخاطبة، و كيفية التعامل بين الأفراد، ومن كثرة الألفة تستطيع قرآت ما يدور في بال والدتك أو والدك بالعيون واللسان وبقناعة ودون فرض أراء الأهل تكون على استعداد بكل قناعة ومحبة لتنفيذ رغباتهم.
وبيّن البيطار أن هذا الأمر هو نتيجة التفاهم المتبادل، حيث أن الأهل قبل فرض أفكارهم وأحلامهم وطموحاتهم على الأولاد الإصغاء الواسع لكل كلام أولادهم، وعليه الأولاد أن يثقون بأهلهم والإصغاء لهم ولتجاربهم والاستفادة من خبرتهم، ومن هنا تبدأ العملية تأسيس العائلة بشكل صحي وسليم وتناول الحديث والقضية دون وضع أي عوائق لوصول أي نتيجة مرضية لحد ما لجميع الأطراف، مع التركيز على أنه ليس الأهل على حق على الدوام وليسوا الأولاد أيضاً.
ووال “من الأمور التي يجب على الأهل الانتباه لها، فهم واحترام وتقدير مواهب الأبناء ولرؤيتهم لمستقبلهم والعمل على تنميتها قدر المستطاع وتحقيق أحلامهم وليس كبحها لأن جاري مهندس أو ابن اختي طبيب لنبتعد عن أمور الآخرين في حياتنا لنكن نحن وما يناسبنا كما نحب في بيوتنا”.
وأضاف “من الأمور السلبية التي يجب على الأهل الانتباه لها عدم الشجار أمام الأولاد لأنه يقضي على نفس الأبناء وخاصة أن كانت لأمور تافهة لأجل سيارة وخاتم وحفنة مال وأمور جنسية وجسدية وغيرها التي تؤثر سلبا على سلوكيات الأولاد أن لم تكن بصغرهم ستبرز عند تأسيسهم لحياتهم و عائلتهم، وتفقدنا هيبة الكبير والألفة بين أفراد العائلة يؤدي مع الوقت إلى تفكك شجرة العائلة ودمار حاضر ومستقبل الأولاد، فعلى الأهل أن يكونوا قدوة لأبنائهم في الإيمان والمحبة والحوار والعمل بجدية، وتربية أبنائهم على أن الماديات هي فقط وسيلة، فالغناء والفقر ليس بحكمة للسعادة، فإن المستنير والثقافة والكتاب هم مفاتيح جنة النجاح و السعادة”.
وتابع “من الأمور المهمة أيضا على الأب والأم جعل ابنائهم يتعرفون على جسدهم مواهبهم من خلال زرع ملامح القوة بالحوار السليم والحنكة والمحبة والطاقة الإيجابية في البيت، فعليهم فتح باب الحوار بأي موضوع كان في الجنس، في الإختصاص، والحب والزواج، والسيارة والقيادة وزرع الطاقة الإيجابية في كل هذه المرافق كي يكون الغلام ماشياً في الحياة بلا حقل الغام ويعلم اين يقف و كيفية الابتعاد عن أي لغم، ومن المواضيع التي يجب التحاور فيها، وخاصة للأجيال الناشئة، مثال يومياتهم في المدرسة وثقافة معاملة الرفيق وعدم التنمر على الصديق وتمييز من هو طويل وقصير وبدين وغيرها من الأمور الحياتية، ففرض الأهل عدم التكلم بالسياسة لا يعني أن يفرضوا على أولادهم أي خيار سياسي والأهم مواضيع التربية هي كيفية التعرف على الجسد والجنس على أن تكون بطريقة علمية ثقافية راقية”.
وواصل “الهدف من هذا المقال المختصر هو أن الحوار الشفاف الصريح بين الأهل والأبناء ينشىء أساس عائلة سليمة في كل ميادين الحياة من لحظة الولادة إلى اختيار المدرسة الأولى إلى المدرسة الثانية إلى الهوايات الرياضية والجامعة والحب والزواج والسيارة والسفر وممارسة الجنس واختيار الإختصاص الصحيح والصديق والحبيب والقناعة في ما كتبه الله مع العمل والكد لحصد النجاح الشريف كلها أسسس العائلة والحوار فيها أهم أساس على أن يكون بشكل دوري دون عنف لغوي أو جسدي بأسلوب راق بعيد عن الأنانية لأن الحوار والكلمة هم أقوى سلاح لمجتمع سليم”.