أسهمت دولة الإمارات في تجرية علاج جيني لمرض نادر في الدماغ؛ حيث يجري العمل في مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال في لندن المزوّد بأحدث وسائل التكنولوجيا المتطورة، على تجربة علاج جيني تجريبي واعد لعلاج متلازمة سانفيليبو (النوع الأول) حالياً بمانشستر، وهو عبارة عن مرض وراثي نادر ينجم عن حدوث طفرة جينية تحول دون قدرة الجسم الطبيعية على تفكيك جزيئات السكر المركّبة، ما يؤدي إلى تراكم هذه الجزيئات في خلايا الدماغ والجهاز العصبي فتدمّر تدريجياً قدرة الطفل على النمو وتتسبب في وفاة معظم المرضى في بداية مرحلة البلوغ.
ويعمل هذا العلاج على تصحيح الخلل الجيني عن طريق استبدال الجزء المختل من الحمض النووي بجزء سليم، أي تؤخذ الخلايا من المريض ويتم تعديلها في المختبر لتعاد مرة أخرى إلى مجرى الدم أملاً في استعادة القدرة على إنتاج الإنزيم الضروري لتحليل السكريات المركّبة.
وكشفت جريدة “البيان” الإماراتية أن فريق الأطباء والباحثين سيراقب عن كثب المرضى الخاضعين لهذه التجربة السريرية التي تم تطويرها وتنفيذها بالتعاون بين فرق العمل المختلفة من جامعة مانشستر ومستشفى رويال مانشستر للأطفال لمعرفة ما إن كان لإنتاج هذا الإنزيم القدرة على إبطاء المرض أو منع تطوره في خلايا الجسم.
وتهدف هذه التجربة السريرية التي تجري رسمياً في مستشفى رويال مانشستر للأطفال إلى علاج ما بين ثلاثة وخمسة مرضى ممن تقل أعمارهم عن السنتين ومتابعة كل مريض على مدى ثلاث سنوات، وقد تلقّى أول مريض ضمن هذه التجربة العلاج في وقت سابق من العام الجاري.
وتأتي هذه الجهود، نتاج تعاون دام عقوداً مع باحثين وأطباء خبراء من مؤسسات مختلفة في المملكة المتحدة مثل جامعة مانشستر، ومعهد جريت أورموند ستريت لصحة الطفل التابع لكلية لندن الجامعية، ومستشفى جريت أورموند ستريت ومستشفى رويال مانشستر للأطفال، والمؤسسة الائتمانية لجامعة مانشستر (MFT).
وقال البروفسور ثراشر أحد الباحثين المشاركين من مستشفى جريت أورموند ستريت في قيادة هذه التجربة: “العلاج الجيني هو نهج واعد نحرص على أن يستفيد منه أكبر عدد ممكن من الأطفال. نحن في مستشفى جريد أورموند ستريت محظوظون وسعداء جداً لوجود هذه المرافق الجديدة والمتطورة في مركز زايد للأبحاث التي ستمكّننا من إجراء تعديل جيني لخلايا داخل جسم المريض وإعداد علاجات جينية وإعادة حقن المريض بها لمزاياها العلاجية”.
كما تحدّث البروفيسور روب وين، الذي يقود التجربة السريرية في مستشفى رويال مانشستر للأطفال بالقول: “لدى المستشفى خبرة طويلة في علاج الاضطرابات الأيضية بالخلايا، فقد كانت هناك محاولات مبكرة لاستخدام العلاجات الجينية في هذه الأمراض وقد بدأ تطبيق فكرة العلاج الأولية قبل ثلاثة عقود”، مضيفاً أنه يرتكز إحراز التقدم على هذه التجربة السريرية وهذه الأفكار، ونأمل أن يسهم نهج العلاج الجيني هذا في توفير علاج أكثر أماناً وفاعلية، والأهم من ذلك كله هو أن يقدم للمرضى حياة أفضل.
أما البروفيسور بريان بيغر، الذي تولى على مدى أكثر من عقد من الزمان إجراء الأبحاث والاختبارات الأولية التي تسبق التجارب السريرية، فقال، “إن متلازمة سانفيليبو هي من الأمراض المروّعة التي تسبب المعاناة الأطفال – لذا فإن فرص العلاج غير محسومة – خاصة بعد ان كان الاعتقاد سائداً لسنوات بعدم إمكانية العلاج. وعموماً فالنتائج الأولية التي توصلنا إليها واعدة وتمنح شيئاً من الأمل للأطفال الذين كان يعتقد في السابق أن حالتهم ميؤوس منها. المرحلة الحاسمة التالية هي إجراء التجارب ونتطلع قدماً لنجاحها”.
وكانت للمنحة السخية التي قدمتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في عام 2014، البالغة 60 مليون جنيه إسترليني، الفضل في إنجاز المركز الذي يعد ثمرة شراكة بين مستشفى “جريت أورموند ستريت” و”كلية لندن الجامعية” و”مؤسسة مستشفى جريت أورموند ستريت الخيرية للأطفال”.
ويحرص مركز زايد على أن يجمع في مرفق واحد بين الأبحاث الرائدة والخدمات الطبية وتوفير أفضل مستوى من الرعاية والعلاجات المبتكرة للأطفال الذين يعانون أمراضاً نادرة ومعقدة في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة وخارجها، ويُعد مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال هو ثمرة شراكة بين مستشفى “جريت أورموند ستريت” و”كلية لندن الجامعية” و”مؤسسة مستشفى جريت أورموند ستريت الخيرية للأطفال”، ويتقرر أن يجمع المركز بين الرعاية الطبية والأبحاث الرائدة في آن واحد لتوفير عناية أفضل وابتكار علاجات ناجعة للأطفال المصابين بأمراض نادرة ومعقدة.