متابعة- بتول ضوا
شهد شهر رمضان الكريم على مر التاريخ اهتمامًا كبيرًا من قبل الفنانين والمستشرقين الذين سعوا لتوثيق مظاهره الروحانية والاجتماعية عبر لوحاتهم الفنية. ومن بين هذه الأعمال الفنية البارزة، تبرز لوحة “فتاة تقرأ القرآن” للفنان العثماني الشهير عثمان حمدي بك، التي تعد تحفة فنية تجسد جمال الروحانية الإسلامية.
تعود هذه اللوحة الزيتية إلى عام 1880، وتصور فتاة تجلس بهدوء وهي تقرأ القرآن الكريم. بيعت اللوحة مؤخرًا في دار “بونهامز” للمزادات مقابل 7 ملايين دولار، مما يؤكد قيمتها الفنية والتاريخية. اللوحة، التي يبلغ قياسها 41.1 × 51 سم، تم رسمها على القماش بأسلوب فريد يميز أعمال عثمان حمدي بك، المعروف بدقته في تصوير التفاصيل.
في لوحة “فتاة تقرأ القرآن”، اهتم الفنان بتفاصيل ملابس الفتاة، بالإضافة إلى البيئة المحيطة بها، مما يعكس اهتمامه بالتصميمات الإسلامية الملونة والزخارف الدقيقة. يُعتبر عثمان حمدي بك أحد أبرز الفنانين الأتراك في القرن التاسع عشر، حيث كان أول من أدخل الفن التشكيلي إلى الرسم التركي، كما كان رائدًا في مجال الترميم وتأسيس المتاحف.
ولد عثمان حمدي بك عام 1842، وهو ابن إبراهيم أدهم باشا، الصدر الأعظم العثماني ذو الأصول اليونانية. بالإضافة إلى كونه فنانًا موهوبًا، كان عثمان حمدي بك عالم آثار بارزًا، حيث قاد حفريات مهمة، مثل حفريات مقبرة ملك صيدا في لبنان عامي 1887 و1888، والتي اكتُشف فيها لحد الإسكندر الأكبر.
أسس عثمان حمدي بك متحف إسطنبول الأثري، الذي أصبح من أبرز المتاحف العالمية تحت إدارته التي استمرت 29 عامًا. كما أسس المدرسة التركية للفنون الجميلة، المعروفة باسم “دار الصنائع النفيسة”، والتي تُعد اليوم جزءًا من أكاديمية معمار سنان للفنون.
تُعد لوحة “فتاة تقرأ القرآن” مثالًا رائعًا على إبداع عثمان حمدي بك وقدرته على الجمع بين الفن والتاريخ والروحانية، مما يجعلها تحفة فنية خالدة تستحق التقدير والدراسة