متابعة- بتول ضوا
عثر باحثون في شمال غرب الصين على بقايا امرأة يبلغ عمرها أكثر من 2000 عام، أطلقوا عليها اسم “الأميرة الحمراء” بسبب أسنانها الملطخة باللون الأحمر باستخدام الزنجفر، وهو معدن يتكون من كبريتيد الزئبق. هذا الاكتشاف الفريد يمثل أول حالة موثقة في التاريخ البشري لاستخدام الزنجفر في صبغ الأسنان، مما يفتح نافذة جديدة لفهم ثقافات وحضارات طريق الحرير القديمة.
تم العثور على المقبرة في منطقة شينجينديان بحوض توربان، وهي منطقة رئيسية على طريق الحرير. دفنت المرأة، التي يتراوح عمرها بين 20 و25 عامًا، إلى جانب ثلاثة أفراد آخرين في مقبرة تعود إلى عهد أسرة هان (202 قبل الميلاد – 8 بعد الميلاد). لفت انتباه العلماء وجود صبغة حمراء على أسنانها، مما دفعهم لاستخدام تقنيات تحليلية متقدمة مثل التحليل الطيفي رامان والأشعة السينية الفلورية لتحديد تركيبها.
أكدت النتائج أن الصبغة الحمراء كانت مصنوعة من الزنجفر، ممزوجًا بمادة رابطة تعتمد على البروتين. هذا الاكتشاف يعد فريدًا من نوعه، حيث لم يتم توثيق استخدام الزنجفر لصبغ الأسنان من قبل. لا يزال الغرض من استخدام الصبغة غير واضح، سواء كان لأغراض جمالية أو دينية أو طبية، لكنه يسلط الضوء على التعقيدات الثقافية والمعتقدات الروحية لحضارات طريق الحرير.
في الثقافة الصينية القديمة، كان اللون الأحمر يحمل دلالات رمزية قوية، حيث ارتبط بالقوة والحياة والموت والروحانية. كان الزنجفر يستخدم في الزينة وطقوس الجنازة وحتى في الكيمياء، حيث كان يُعتقد أن له خصائص سحرية وعلاجية.
طرح الباحثون عدة فرضيات حول سبب تلطيخ أسنان الأميرة الحمراء، منها أنها ربما كانت شخصية دينية رفيعة المستوى أو شامانًا، نظرًا لارتباط الزنجفر بالمعتقدات الروحية. كما يُحتمل أن الصبغة كانت تستخدم كعلامة على الجمال أو التميز الاجتماعي.
أحد الجوانب المثيرة للاهتمام هو أصل الزنجفر المستخدم، حيث أن حوض توربان ليس غنيًا بهذا المعدن، مما يشير إلى أنه ربما تم استيراده من مناطق أخرى مثل مقاطعات هونان وسيتشوان في جنوب غرب الصين، أو حتى من أوروبا، حيث يوجد منجم ألمادن الشهير في إسبانيا.
هذا الاكتشاف لا يقدم فقط نظرة جديدة على الممارسات الثقافية القديمة، بل يؤكد أيضًا على أهمية طريق الحرير كجسر للتبادل الثقافي والتجاري بين الحضارات.