أصيلة (المغرب) _ الإمارات نيوز
فقد المغرب والعالم العربي شخصية بارزة في ميادين الدبلوماسية والثقافة والفكر والتنمية، بوفاة الوزير الأسبق محمد بن عيسى عن عمر ناهز 88 عامًا في المستشفى العسكري بالرباط،وذلك في يوم الجمعة، 28 فبراير 2025.
وقد تم تشييع الراحل إلى مثواه الأخير، وسط حشود من أبناء أصيلة وحضور حكومي وسياسي. وغصت أزقة المدينة العتيقة بمشيعي فقيد أصيلة الكبير، لإلقاء النظرة الأخيرة على نعشه الذي انتقل من قصر الثقافة إلى المسجد الأعظم ثم إلى الزاوية العيساوية وسط المدينة العتيقة التي كرس عقودا من حياته الطويلة خدمة لها.
وتقدم مشيعي الراحل الوزير الأول الأسبق إدريس جطو، والأمين العام السابق للحكومة إدريس الضحاك، والأمين العام للحكومة محمد الحجوي، ووزير الخارجية ناصر بوريطة، ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، ووزير التجهيز والماء الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، ووزير التشغيل والمقاولة الصغرى يونس السكوري؛ ونبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ومحمد أوجار، وزير العدل الأسبق القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، وعدد من منتخبي ومسؤولي حزب الأصالة والمعاصرة في جهة طنجة.
وشهدت الجنازة الغفيرة للراحل محمد بن عيسى حضور والي الجهة يونس التازي، وعدد من مسؤولي الإدارة والأمن، فضلا عن مثقفين وفنانين من الوجوه التي دأبت على الحضور والمشاركة في فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي.
وبرحيل محمد بن عيسى، يفقد المغرب والعالم العربي شخصية كرّست حياتها لتعزيز الدبلوماسية الثقافية وبناء جسور التواصل بين الشعوب والثقافات.
سيرة ومسيرة
*********
وُلد محمد بن عيسى في 3 يناير 1937 بمدينة أصيلة المغربية. أبدى اهتمامًا كبيرًا منذ صغره، بالثقافة والإعلام، ما دفعه للسفر إلى مصر في سن السادسة عشرة لدراسة الصحافة. في عام 1961، حصل على منحة لمتابعة دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نال شهادة البكالوريوس في الصحافة من جامعة مينيسوتا.
لم تقتصر إسهامات بن عيسى على المجالين الدبلوماسي والسياسي فقط، بل امتدت لتشمل الجانب الثقافي والفكري.
كان مهتماً بالهوية الثقافية، وباللغة العربية، وكان يقول “الأمة التي تفقد لغتها تفقد ورقة الهوية”، وقد ظهر هذا الاهتمام في العديد من المبادرات التي تركت أثرا بالغاً في الثقافة العربية. حيث أسس في مدينته أصيلة في عام 1978مؤسسة منتدى أصيلة، التي أصبحت من أبرز المؤسسات الثقافية في العالم العربي؛ ثم أطلق من رحم المؤسسة، بالتعاون مع الفنان التشكيلي المغربي محمد المليحي، “موسم أصيلة الثقافي الدولي”، الذي أصبح مهرجاناً سنويًا يجمع المبدعين والمفكرين من مختلف أنحاء العالم. وحوّل مدينة أصيلة إلى مركز ثقافي عالمي أسهم في تعزيز الحوار الثقافي والفني بين الشعوب، عبر فعاليات متنوعة تشمل الفنون التشكيلية، والأدب، والموسيقى، والندوات الفكرية.
بدأ بن عيسى مسيرته المهنية كملحق إعلامي في البعثة المغربية الدائمة لدى الأمم المتحدة. وشغل مناصب مهمة عدة، منها:
* وزير الثقافة من 1985 إلى 1992.
* سفير المملكة المغربية لدى الولايات المتحدة الأمريكية من 1993 إلى 1999.
* وزير الشؤون الخارجية والتعاون من 1999 إلى 2007.
* انتُخب رئيسًا للمجلس البلدي لمدينة أصيلة لعدة دورات، بدءًا من عام 1983.
جوائز وأوسمة
**********
نال محمد بن عيسى جوائز وأوسمة عدة؛ عكست تقدير المجتمع الدولي لإسهاماته في تعزيز الحوار الثقافي والتفاهم بين الشعوب. لكنه كان يؤكد في كل مرة أن التكريم ليس فقط لشخصه أو للمؤسسة، بل هو تكريم للمملكة المغربية ولمدينة أصيلة، مشيرًا إلى أن هذا الاعتراف سيشجعه على الاستمرار في دوره الثقافي والتنموي بالتعاون مع هيئات مماثلة في الأهداف والتوجهات.
ومن أبرز الجوائز والأوسمة التي نالها:
* وسام العرش من درجة ضابط كبير (2008): مُنح له تقديرًا لجهوده في خدمة المملكة المغربية.
* جائزة الآغا خان للهندسة المعمارية (1989) ، حصل عليها عن مشروع التنمية الحضرية لمدينة أصيلة، التي أسهم في تحويلها إلى مركز ثقافي وفني.
* ميدالية بيرو البلدية (2003): تقديرًا لإسهاماته في تعزيز العلاقات الثقافية والدبلوماسية.
* تقديرًا لجهوده وإسهاماته في تعزيز الثقافة والفنون، حاز محمد بن عيسى على جائزة الشيخ زايد للكتاب لشخصية العام الثقافية في دورتها لعام 2008، وذلك لدوره البارز في تأسيس موسم أصيلة الثقافي الدولي، وجعله منصة للمبدعين والمفكرين من مختلف الثقافات.
* تم تكريمه من قبل مؤسسة الفكر العربي بجائزة “مسيرة عطاء” في عام 2014. هذا التكريم جاء تقديرًا لجهوده وإسهاماته البارزة في تعزيز الثقافة والفكر العربي من خلال مؤسسة منتدى أصيلة، التي تُعنى بتوظيف العمل الثقافي في دعم التنمية وتعزيز التواصل والحوار الهادف.
* تسلم جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي التي حازت عليها مؤسسة منتدى أصيلة في الدورة السابعة عشرة لجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية (2020-2021)، بصفته الأمين العام للمؤسسة.
