متابعة: نازك عيسى
كشفت دراسة حديثة أجراها معهد برشلونة للصحة العالمية أن الأطفال الذين يتعرضون لظاهرة التدخين السلبي في المنزل يعانون من تغييرات في جيناتهم، مما قد يؤثر على طريقة عملها وتعبيرها. وتزيد هذه التعديلات الجينية من احتمالية الإصابة بأمراض خطيرة في المستقبل، وهو ما يؤكد ضرورة الحد من تعرض الأطفال لدخان التبغ.
يعمل الحمض النووي كدليل إرشادي للجسم، وعندما يتعرض لدخان التبغ، يمكن أن تضاف “علامات” كيميائية إلى أجزاء محددة منه دون تغيير تسلسل الجينات ذاته. هذه العلامات تؤثر على طريقة قراءة الجينات، مما قد يؤدي إلى تغيرات في وظائف الجسم وزيادة خطر الإصابة بأمراض مختلفة.
على الرغم من التشريعات الصارمة التي تحد من التدخين في الأماكن العامة، لا يزال التدخين في المنازل يشكل الخطر الأكبر على الأطفال. وتشير التقديرات إلى أن نحو 40% من الأطفال حول العالم تعرضوا لدخان التبغ في عام 2004، مما يزيد من احتمالية إصابتهم بأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى تأثيره على النمو العصبي ووظائف المناعة.
تعد هذه الدراسة من بين الأبحاث الأولى التي توضح تأثير التدخين السلبي على الجينوم خلال مرحلة الطفولة، وليس فقط أثناء الحمل. شملت الدراسة 2,695 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات من ثماني دول أوروبية، منها إسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة.
وباستخدام عينات دم الأطفال، قام الباحثون بتحليل مستوى “الميثيل” في الحمض النووي، وهي عملية تلعب دورًا في تنظيم التعبير الجيني. وأظهرت النتائج وجود تغييرات في 11 منطقة من الجينوم مرتبطة بالتعرض للتدخين السلبي، بعضها سبق ربطه بالتعرض المباشر للتبغ لدى المدخنين النشطين أو أثناء الحمل.
وجدت الدراسة أن 6 من هذه المناطق الجينية لها علاقة بأمراض خطيرة مثل الربو والسرطان، مما يشير إلى أن التعرض لدخان التبغ في مرحلة الطفولة قد يكون له تأثيرات صحية طويلة الأمد.
تسلط هذه النتائج الضوء على المخاطر الجينية والصحية المرتبطة بالتدخين السلبي، مما يعزز الحاجة إلى حماية الأطفال من التعرض لدخان التبغ، سواء في المنازل أو أي بيئة أخرى.