متابعة- بتول ضوا
في اكتشاف فنيّ مذهل، كشف خبراء الترميم في معهد كورتولد للفنون بلندن عن وجود امرأة غامضة مخبأة داخل لوحة زيتية رسمها الفنان الإسباني الشهير بابلو بيكاسو قبل 123 عامًا. اللوحة، التي تعود إلى ما يُعرف بـ”الفترة الزرقاء” في حياة بيكاسو الفنية، كانت تحمل في طياتها سرًّا ظلّ مخفيًّا لأكثر من قرن.
باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة، مثل الأشعة السينية والأشعة تحت الحمراء، تمكن الخبراء من الكشف عن شخصية أنثوية تظهر بشكل واضح في اللوحة. يمكن تمييز ملامح الرأس والشعر المجمع على شكل “كعكة”، بالإضافة إلى الأكتاف المنحنية والأصابع الدقيقة. هذه التفاصيل تشير إلى أن بيكاسو ربما كان يعيد استخدام اللوحة القماشية، وهي ممارسة شائعة بين الفنانين في ذلك الوقت بسبب نقص الموارد.
اللوحة الأصلية، التي تحمل عنوان “Portrait de Mateu Fernández de Soto”، تعود إلى عام 1901، عندما كان بيكاسو في العشرين من عمره. اللوحة تصور النحات الإسباني ماتيو فرنانديز دي سوتو، الذي كان صديقًا مقربًا للفنان. ومع ذلك، فإن الاكتشاف الجديد يكشف أن بيكاسو ربما كان يعيد استخدام اللوحة لرسم صورة أخرى تحتها، مما يسلط الضوء على أسلوبه الفريد في تحويل الصور وإعادة ابتكارها.
وقال بارنابي رايت، نائب مدير معهد كورتولد للفنون، في بيان صحفي: “لطالما اشتبهنا في وجود لوحة أخرى مخفية تحت سطح العمل، والآن نعلم أن ما نراه هو رسم لامرأة يمكن التعرف إليها بالعين المجردة. هذه الطريقة في تحويل الصور كانت سمة مميزة لفن بيكاسو، وساعدت في جعله أحد أهم الشخصيات في تاريخ الفن.”
من جهتها، أوضحت أفيفا بورنستوك، أمينة الحفظ في المعهد، أن تقنيات التصوير الحديثة سمحت للخبراء برؤية “يد الفنان وفهم عمليته الإبداعية بشكل أعمق”. وأضافت أن إعادة استخدام اللوحات القماشية كان أمرًا شائعًا بين الفنانين في ذلك الوقت، حيث لم يكن بمقدورهم دائمًا شراء قماش جديد للرسم.
هذا الاكتشاف لا يضيف فقط بعدًا جديدًا إلى فهمنا لأعمال بيكاسو المبكرة، بل يفتح أيضًا الباب أمام مزيد من الأبحاث التفصيلية التي قد تكشف المزيد عن هوية المرأة الغامضة ودورها في حياة الفنان. ومع تقدم التكنولوجيا، قد نكتشف المزيد من الأسرار المخبأة في أعمال الفنانين العظماء، مما يعيد كتابة صفحات تاريخ الفن.