متابعة بتول ضوا
تُعدّ روايات الخيال العلمي نافذة نطل منها على عوالم مُتخيّلة، لكن قلة منها استطاعت أن تُلامس الواقع بدقة مُرعبة، كما فعلت رواية “الوقوف على زنجبار” للكاتب البريطاني جون برونر. نُشرت هذه الرواية عام 1968، لكن تنبؤاتها عن مطلع القرن الحادي والعشرين تُثير الدهشة حتى يومنا هذا، ما جعلها من أبرز كلاسيكيات الخيال العلمي.
الاكتظاظ السكاني كنُبوءة مركزية:
يُركّز برونر في روايته على قضية الاكتظاظ السكاني التي بدأت تظهر بوادرها في أوائل القرن العشرين. تخيّل الكاتب أن جزيرة كبيرة مثل زنجبار ستكون ضرورية لإيواء سكان العالم الذين سيبلغ عددهم سبعة مليارات نسمة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. هذا التنبؤ، الذي تحقق في عام 2011، يُعدّ من أبرز ما جاء في الرواية.
تنبؤات أخرى تحققت على أرض الواقع:
لم يقتصر الأمر على التنبؤ بالزيادة السكانية، بل شملت الرواية توقعات أخرى تحققت بدقة مُذهلة، من بينها:
تجاوز عدد سكان العالم 7 مليارات نسمة: كما ذكرنا، تحقق هذا التنبؤ في عام 2011، بعد عام واحد فقط من الموعد الذي حدده برونر في روايته.
ظهور الموسيقى الإلكترونية: تنبأ برونر بانتشار نوع جديد من الموسيقى يعتمد على الإلكترونيات، وهو ما نراه اليوم في انتشار أنواع الموسيقى الإلكترونية المختلفة.
صناعة شركة هوندا للسيارات: في وقت كتابة الرواية، كانت هوندا معروفة بصناعة الدراجات النارية فقط. لكن برونر تنبأ بأنها ستُنتج السيارات، وهو ما حدث بالفعل بعد عام واحد من نشر الرواية.
انحسار شعبية التبغ: توقع برونر انخفاض شعبية التدخين، وهو اتجاه عالمي نشهده اليوم مع تزايد الوعي بأضرار التبغ.
إلغاء تجريم الماريجوانا: تنبأ برونر بتخفيف القيود على الماريجوانا، وهو ما نشهده اليوم في العديد من دول العالم التي شرّعت استخدامها لأغراض طبية أو ترفيهية.
مكالمات الفيديو: تخيّل برونر وجود وسيلة للتواصل المرئي بين الناس، وهو ما أصبح واقعًا مع انتشار تطبيقات مكالمات الفيديو مثل سكايب وزوم وغيرها.
جائزة هوجو وتأثير الرواية:
حازت رواية “الوقوف على زنجبار” على جائزة هوجو عام 1969، وهي أرفع جائزة في أدب الخيال العلمي، ما يُؤكد أهميتها وتأثيرها في هذا المجال. وحتى اليوم، بعد مرور أكثر من خمسين عامًا على إصدارها، لا تزال الرواية تُطبع وتُقرأ، ما يدل على قوة أفكارها وصدق تنبؤاتها.
لماذا تُعتبر الرواية مُرعبة؟
لا يكمن الرعب في التنبؤات التي تحققت فحسب، بل في الطريقة التي وصف بها برونر العالم المستقبلي، عالم مُزدحم ومُلوّث ومُثقل بالمشاكل الاجتماعية والسياسية. تُقدّم الرواية صورة قاتمة لمستقبل البشرية إذا لم يتم التعامل مع هذه المشاكل بجدية.