متابعة: نازك عيسى
دعا مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء إلى تنفيذ عملية سياسية “جامعة ويقودها السوريون”، وذلك بعد عشرة أيام من سقوط بشار الأسد. وأكد المجلس على ضرورة تمكين الشعب السوري من “تحديد مستقبله”. جاء ذلك في بيان صدر بالإجماع من جميع الأعضاء الخمسة عشر، بما في ذلك روسيا الحليفة للأسد والولايات المتحدة. كما شدد المجلس على ضرورة أن يمتنع كل من سوريا وجيرانها عن القيام بأي أعمال من شأنها تقويض الأمن الإقليمي.
وأوضح المجلس في بيانه أن “العملية السياسية يجب أن تلبّي التطلعات المشروعة لجميع السوريين، وأن تحميهم جميعًا، وتمكنهم من تحديد مستقبلهم بطريقة سلمية ومستقلة وديمقراطية”. وأضاف البيان أن أعضاء المجلس يؤكدون “التزامهم القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها” ودعوا جميع الدول إلى احترام هذه المبادئ.
وأكد المجلس على ضرورة أن تمتنع سوريا وجيرانها عن أي عمل أو تدخل من شأنه تقويض أمن الآخرين. وكان المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسن، قد حذر خلال الجلسة من أن “الصراع لم ينته بعد” في سوريا، رغم سقوط الأسد، مشيرًا إلى المعارك المستمرة في شمال البلاد بين فصائل مدعومة من تركيا ومقاتلين أكراد.
كما دعا بيدرسن إسرائيل إلى “وقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الجولان السوري المحتل” واعتبر أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا أمر أساسي لدعم هذا البلد. وفي الوقت نفسه، يسعى الغرب إلى تحديد كيفية التعامل مع “هيئة تحرير الشام”، التي لعبت دورًا في الإطاحة بالأسد، لكنها مدرجة على قوائم الإرهاب الغربية.
فيما التقى دبلوماسيون أجانب في دمشق مع السلطات الجديدة، تحدث بيدرسن عن الاشتباكات التي وقعت في شمال سوريا بين القوات الكردية والجماعات المدعومة من تركيا بعد الإطاحة بالأسد في 8 ديسمبر. وأكد بيدرسن أن “مواجهات واسعة وقعت خلال الأسبوعين الماضيين”، مشيرًا إلى أن مهلة وقف إطلاق النار التي استمرت خمسة أيام قد انقضت، وأن التصعيد العسكري يشكل تهديدًا كارثيًا.
وقد أعلنت واشنطن تمديد الهدنة حتى نهاية الأسبوع، وأكدت سعيها لتمديدها لأطول فترة ممكنة. من جهته، قال القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، مرهف أبو قصرة، إن المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد “ستنضم” إلى الإدارة الجديدة، مؤكدًا رفضه لفكرة الفدرالية.
وتحدث أبو قصرة عن ضرورة بناء مؤسسة عسكرية تضم جميع الفصائل المعارضة، قائلاً: “في أي دولة يجب أن تنضوي جميع الوحدات العسكرية ضمن هذه المؤسسة”. وأضاف أن فصيله سيكون من أول المبادرين لحل جناحه العسكري بما يتماشى مع المصلحة العامة للبلاد.
من جانبه، تعهد قائد “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، بحل الفصائل المسلحة في البلاد، داعيًا إلى عقد اجتماعي يشمل جميع الطوائف، ومطالبًا برفع العقوبات المفروضة على دمشق.
بعد هجوم استمر 11 يومًا، تمكنت فصائل المعارضة بقيادة “هيئة تحرير الشام” من دخول دمشق في 8 ديسمبر وإنهاء حكم الأسد الذي استمر أكثر من نصف قرن.
وفي سياق متصل، تسعى القوى الغربية للتواصل مع السلطات الجديدة في سوريا لتجنب الفوضى بعد سقوط الأسد. وأوفدت فرنسا التي أعادت رفع علمها فوق سفارتها، وكذلك ألمانيا والمملكة المتحدة والأمم المتحدة، مبعوثين إلى دمشق. وأجرى دبلوماسيون ألمان محادثات مع الجولاني حول “العملية الانتقالية السياسية”.
من جانب آخر، أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لإعادة فتح سفارته في دمشق، فيما أعلنت الولايات المتحدة عن اتصالات مع “هيئة تحرير الشام”. ولكن إسرائيل تبدي موقفًا أكثر تحفظًا تجاه السلطات الجديدة في سوريا، حيث عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اجتماعًا أمنيًا في الجولان السوري المحتل، وأعربت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، شارين هسكل، عن أن الجولاني “ذئب في ثوب حمل”. في هذا السياق، كثف الجيش الإسرائيلي غاراته على المواقع العسكرية السورية منذ 8 ديسمبر.
وفيما يتعلق بالتهديدات الإسرائيلية، طالب القائد العسكري لهيئة تحرير الشام المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الغارات والتوغل الإسرائيلي في سوريا، مؤكدًا أن بلاده لن تكون منطلقًا لأي “عداء” تجاه أي دولة.