دبي، الإمارات العربية المتحدة – 14 نوفمبر 2024: اختتمت فعاليات الدورة السابعة من سوق دبي الدولي للمحتوى الإعلامي (DICM 2024) في الفترة من 12 إلى 13 نوفمبر، وسط حضور لافت من أبرز المتخصصين في صناعة الإعلام والترفيه من مختلف أنحاء العالم. واستضاف مركز مدينة جميرا للمؤتمرات والفعاليات هذا الحدث الكبير الذي جمع أكثر من 800 متخصص من 50 دولة، بالإضافة إلى 87 جهة عارضة من كبرى المؤسسات الإعلامية وشركات التوزيع العالمية حيث عقد أكثر من 2,500 اجتماع عمل، مما يعكس تزايد الاهتمام بالتعاون وتبادل الفرص في هذا القطاع الحيوي.
وكان للحوارات في DICM Talks 2024 التأثير الأكبر حيث جمعت أبرز العقول في صناعة الإعلام والترفيه لمناقشة أحدث الاتجاهات والابتكارات والاستراتيجيات التي تشكل مستقبل صناعة إنشاء المحتوى وتوزيعه واستهلاكه وتم تناول مجموعة متنوعة من المواضيع التي قدمت رؤى قيّمة حول المجالات الرئيسية في الصناعة.
وشملت النقاشات التأثير المتزايد للمحتوى التركي وفرص التعاون التي تظهر في الإنتاجات المشتركة الدولية، وصعود منصات البث المباشر وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمنافسة بينها، كما استعرض الخبراء الديناميكيات المتغيرة بسرعة في المحتوى العالمي، مع التركيز بشكل خاص على تفضيلات الجمهور المتطورة في المنطقة والاتجاهات الجديدة في أنواع المحتوى حيث قام الخبراء بدراسة كيفية تعامل المنصات الإقليمية مع التحديات الناتجة عن متطلبات السوق التنافسية، وفي الوقت نفسه، كيفية الاستفادة من المحتوى المحلي الذي يلقى صدى لدى الجمهور.
ومن جانبه قال السيد أحمد الشيخ، مدير التطوير في فرانس 24 وهي قناة إخبارية تبث بأربعة لغات، الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والعربية لأكثر من 20 مليون متفرج في الشرق الأوسط:”يعتبر هذا القطاع من القطاعات النامية والتي تشهد تطوراً مستمراً على الدوام لذلك نسعى لنكون جزءاً أساسياً من هذا الحدث الوحيد المتخصص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يجتمع كل أصحاب القرار في هذا القطاع من كافة أنحاء العالم.”
وأضاف: “لدينا حضور قوي في منطقة شمال أفريقيا ونسعى لأن يكون لدينا تعاون مع شركات المحتوى في منطقة الخليج وشرق آسيا لأن الخليج مزدهر في هذا المجال وبخاصة دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وهما دولتان نطمح للتوسع بهما.”
وتعتبر تركيا ثاني أكبر مزود محتوى بالعالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية لذلك يعد تواجد الشركات التركية في غاية الأهمية لكافة الحاضرين، بالإضافة إلى ذلك، تم التركيز على قطاع الرسوم المتحركة حيث ناقش المتحدثون أهمية هذا النوع من المحتوى في الأسواق العالمية ومنطقة البحر المتوسط وأظهرت المناقشات كيف أن السرد القصصي في المنطقة والقصص الثقافية الغنية تجذب الاهتمام الدولي، مما يمهد الطريق لاتفاقيات جديدة في هذا المجال.
وشهدت هذه الدورة من سوق دبي الدولي للمحتوى الإعلامي (DICM) المشاركة الأولى لشركة Fox Entertainment Global، حيث أعربت السيدة تارا غاول، المدير في الشركة، عن سعادتها البالغة بنتائج المشاركة، وأوضحت أنها تمكنت من التواصل مع إعلاميين جدد، واكتسبت رؤى هامة حول المنصات الرقمية الناشئة في المنطقة، والتي لم تكن على علم بها مسبقًا. واعتبرت أن وجود جناح لشركتها في الحدث أضاف قيمة كبيرة، إذ أتاح لها فرصة التفاعل العفوي مع زوار المعرض، وإجراء لقاءات مع أشخاص لم يكن من الممكن ترتيب اجتماعات مسبقة معهم، فضلاً عن اللقاءات غير المتوقعة مع العملاء. وأعربت غاول عن أملها في ترجمة هذه الفرص إلى عوائد ملموسة، مؤكدة تطلعها للمشاركة في العام القادم.
إلى ذلك سلط الحدث الضوء على أهمية التعاون العابر للحدود في الإنتاج، حيث شارك رواد الصناعة استراتيجيات ناجحة للإنتاجات المشتركة التي تتجاوز الحدود الجغرافية، مما يخلق فرصاً للنمو الإبداعي والتجاري حيث قدم أميت ديفاني من شركة باروت للتحليل رؤى حول التغيرات في الأذواق وتفضيلات الأنواع التي تميز السوق عبر بيانات قيمة توضح كيفية تكييف الاتجاهات العالمية لتلبية الطلبات المحلية وذلك من خلال تحليل أبرز الاتجاهات والفرص في أسواق المحتوى العالمية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن أهم النقاط التي تم التركيز عليها كانت الزيادة الكبيرة في الطلب العالمي على محتوى الرسوم المتحركة، حيث تضاعف الطلب على إنتاج الرسوم المتحركة ثلاث مرات منذ العام 2021 وفي المقابل، لوحظ تراجع كبير في الاهتمام بأنواع أخرى مثل الأكشن والمغامرة، مما يعكس تغييراً في تفضيلات الجمهور، وقد أرجع ديفاني هذا التحول إلى ظاهرة “الملل أو الإرهاق من تكرار الأفلام والقصص” مما يؤدي إلى تراجع اهتمام الجمهور أو انخفاض الإقبال عليها، حيث بدأ الجمهور يبتعد عن الأعمال الكبرى مثل مارفل وحرب النجوم، التي كانت تسيطر على منصات مثل Disney+ في 2021. هذه التغيرات، إلى جانب تأثيرات جائحة كورونا والإضرابات الاحتجاجية التي قادتها نقابة “نقابة ممثلي الشاشة – في اتحاد الفنانين الأميركيين للراديو والتلفزيون”، والتي كان لها تأثير كبير على إنتاج المحتوى.
ويواصل سوق دبي الدولي للمحتوى الإعلامي (DICM) توفير منصة متكاملة تجمع بين روّاد الصناعة وصنّاع المحتوى بهدف التطوير وتوسيع نطاق التأثير. وأكد مانوج أبراهام ماثيو، مدير الاستوديوهات والفعاليات في شركة دبي للإعلام، على أهمية المشاركة في نقاشات السوق، مشيراً إلى دور دبي كمحفز للاقتصاد الإبداعي. وأضاف أن المبادرات التي تقودها استوديوهات دبي تساهم في تعزيز الشراكات المؤثرة في مجال المحتوى، وتدعم انتشار القصص والمحتوى الإعلامي وامتداده من المنطقة إلى العالم أجمع.
من جهة أخرى، تواصل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) الصعود كسوق ذات نمو سريع في صناعة المحتوى حيث يزداد الطلب على الإصدارات الجديدة في المنطقة مقارنة بأسواق عالمية أخرى، ولا تقتصر الفرص على شهر رمضان فقط، الذي يعد حجر الأساس للمحتوى العربي، بل يمتد إلى ما بعد الموسم من خلال إعادة عرض الأعمال الناجحة أو إنتاج محتوى جديد طوال العام. ففي السعودية، على سبيل المثال، يزداد الطلب على المحتوى غير المكتوب، بينما في مصر تحتل الدراما الصدارة.
واستعرض الخبراء خلال الجلسة أيضاً التوجهات في عدة أسواق كالسعودية حيث تحظى الرسوم المتحركة بشعبية كبيرة، بينما في الإمارات، يظهر تفضيل قوي للمحتوى الغربي مثل المسلسلات الكوميدية والدراما الخيالية، بالإضافة إلى الطلب المرتفع على المحتوى الهندي بسبب وجود جالية هندية كبيرة. أما في المغرب، فقد أظهرت الإحصائيات تزايد الطلب على الدراما الجنائية، مما يعكس تفضيل الجمهور هناك للسرد القصصي المثير والملائم للواقع المحلي.
تؤكد هذه الرؤى على أهمية استخدام البيانات لفهم تفضيلات الجمهور بشكل أفضل على المستويين العالمي والإقليمي. ومع تزايد أهمية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كمركز رئيسي للاستثمار في صناعة الإعلام والترفيه، من الضروري أن تتبنى الشركات استراتيجيات تتماشى مع احتياجات الجمهور المحلي وتوجهاته لضمان الاستدامة والنمو في المستقبل.
وشهد الحدث معرضاً مميزاً جذب عدداً كبيراً من الحضور الذين تفاعلوا مع العارضين واستكشفوا الفرص التجارية الجديدة. كما تم إبرام العديد من الصفقات المهمة خلال الحدث، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالتعاون والاستثمار في قطاعي الإعلام والترفيه في المنطقة.
علاوة على ذلك، شهدت دورة هذا العام من الحدث ظهوراً خاصاً لنجوم المسلسل التركي الشهير “محمد الفاتح”، حيث تواجد كل من سليم بيرقدار وسيركان أوغلو، اللذين أمتعوا الحضور بجلسة خاصة، أتاحوا خلالها للمتابعين فرصة لقاء نجومهم المفضلين عن قرب، هذه اللحظة المميزة أضافت بُعداً خاصاً للفعالية، مما ساهم في تعزيز مكانة المحتوى التركي في المنطقة وجذب مزيد من الاهتمام له بين الجماهير.
وشكل سوق دبي الدولي للمحتوى الإعلامي بدورته السابعة فرصة للمحترفين في صناعة الإعلام والترفيه لتبادل الأفكار، واستكشاف الفرص الجديدة، وأكد عدد كبير من المشاركين أن المحادثات التي بدأت خلال هذا العام ستستمر في إلهام الابتكار والتعاون عبر الحدود في المستقبل.
-انتهى-