متابعة: نازك عيسى
يحتفل الناس في نهاية الشهر الجاري بعيد الهالوين، ولكنه ليس المناسبة الوحيدة التي يلجأ فيها البعض للاستمتاع بما يُعرف بـ”الخوف المنظم”. فهناك قصص الرعب، والأفلام المخيفة، والبيوت المسكونة التي توفر في المتنزهات الترفيهية جرعة من الرعب تجمع بين الواقع والخيال.
في دراسة أعدتها سارة كولات من جامعة ولاية بنسلفانيا، كشفت أن الأميركيين ينفقون سنوياً أكثر من 500 مليون دولار على رسوم دخول البيوت المسكونة، بهدف البحث عن تجربة الخوف. وعلّقت كولات قائلة: “بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يبدو هذا الانغماس في الرعب غير ضروري، خاصة في ظل واقع مليء بأحداث مرعبة مثل حوادث إطلاق النار في المدارس، وإساءة معاملة الأطفال، والحروب. فلماذا نبحث عن خوف مصطنع من أجل الترفيه؟”
تأثير الخوف على الجسم
عندما يواجه الإنسان تهديداً، يرتفع مستوى الأدرينالين في جسمه، مما ينشط استجابة القتال أو الهروب الطبيعية. هذا يؤدي إلى زيادة في معدل ضربات القلب والتنفس بشكل أسرع وأعمق.
هذا التفاعل الجسدي مفيد في مواجهة التهديدات الحقيقية، حيث يُعدّ نوعًا من التدريب على الاستجابة للمواقف الصعبة. وعندما يتعرض الشخص لموقف خوف تحت السيطرة، مثل مشاهدة مشهد مرعب في برنامج تلفزيوني، فإنه يستمتع بالشعور المتوتر دون الخطر الحقيقي. وبعد انتهاء التجربة، يفرز الجسم الدوبامين، الذي يوفر إحساسًا بالراحة والمتعة.
أشارت الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين زاروا منازل مسكونة تحتوي على أشكال مخيفة تحت السيطرة، أظهروا انخفاضاً في نشاط الدماغ المرتبط بالقلق، ما يعني أن مشاهدة أفلام الرعب أو الانغماس في الألعاب المثيرة قد تهدئ الشخص في ما بعد.
تعزيز الروابط الاجتماعية
يُعتبر تعزيز الروابط الاجتماعية سبباً آخر للانجذاب إلى تجارب الخوف المنظم. فالمرور بتجارب مخيفة مشتركة، مثل مشاهدة أفلام الرعب أو دخول بيوت الرعب، يقوي العلاقة بين الأفراد. وتشمل الأمثلة على ذلك المحاربين القدامى الذين خدموا معاً في الحروب، والناجين من الكوارث الطبيعية، والعائلات المرتبطة بمهام المستجيبين الأوائل كرجال الإطفاء.
تحدث البحث عن تجارب رجال الإطفاء الذين يشاركون مشاعر إيجابية بعد الانتهاء من مكافحة الحرائق، مما يعكس الروابط العاطفية العميقة والمعنويات المرتفعة، وحتى بعد مرور سنوات على هذه التجارب.
وترى الباحثة كولات أن “تجارب الخوف المتحكم فيه تخلق بشكل مصطنع فرصًا لتعزيز الترابط الاجتماعي، تمامًا كما تفعل التجارب الحقيقية”.