متابعة: نازك عيسى
يشهد لبنان حالياً تنافساً بين الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» من جهة، والتصعيد العسكري المستمر من جهة أخرى. وازداد التوتر بعد استهداف مسيّرة أطلقت من لبنان مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في قيساريا، مما أدى إلى تصاعد الخطاب العدائي.
من جهة أخرى، عبّر الموفد الرئاسي الأمريكي، آموس هوكشتاين، بوضوح عن المطالب الأمريكية لوقف الهجمات الإسرائيلية على لبنان، مشيراً إلى ضرورة تعديل القرار 1701 وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وأوضح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان أن مسيّرة استهدفت مسكن نتانياهو في قيساريا، مضيفاً أن نتانياهو وزوجته لم يكونا في المنزل وقت الحادث ولم تقع إصابات. ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يؤكد ما إذا كان المسكن هو “المنشأة” التي أُشير إليها في بياناته، إلا أن التحقيق في الحادثة ما زال جارياً، مع وعود بالتصعيد رداً على هذا الهجوم.
تشير التطورات إلى أن الحرب تتجه نحو تصعيد أكبر، حيث كثفت إسرائيل هجماتها على المناطق اللبنانية المأهولة بالسكان. وعلى الجانب الآخر، يتجدد خطاب «حزب الله» الذي يربط مصير لبنان بغزة، مهدداً بتوسيع وتعميق دائرة الحرب.
في هذا السياق، شهدت مدينة جونية ضربة إسرائيلية دقيقة في منطقة كسروان، استهدفت رجلاً وزوجته، ويُعتقد أن المستهدف كان قيادياً في مخابرات «حزب الله». واستخدم الجيش الإسرائيلي صاروخ “النينجا” في الهجوم، قبل أن يتم تعقّب المستهدف عبر مسيّرة أطلقت صاروخاً آخر أدى إلى مقتلهما.
مع تصاعد القتال، تزداد الضغوط الدولية على لبنان، خاصة من الجانب الأمريكي الذي يسعى إلى تحقيق تسوية سياسية من خلال الضغط لإجراء الانتخابات الرئاسية، مستغلين تراجع نفوذ «حزب الله» وتصاعد الهجمات الإسرائيلية.
وعشية انعقاد مؤتمر باريس لدعم لبنان في 24 أكتوبر، ومع وصول هوكشتاين إلى بيروت الأسبوع المقبل، دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى إعادة النظر في مهمة قوات اليونيفيل في لبنان، مؤكداً أن وقف إطلاق النار هو الأولوية القصوى.
على الرغم من كثافة التحركات الدبلوماسية، لم يتم تحقيق أي تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار. وتخشى الأوساط السياسية من أن إسرائيل قد تصعّد حربها بشكل أكبر، محاوِلةً فرض خياراتها على لبنان بالقوة العسكرية.
في ظل انسداد الأفق الدبلوماسي، يتفاقم الوضع الإنساني في لبنان، حيث يواجه البلاد أزمة نزوح كبيرة تضغط على مؤسسات الدولة التي تعاني بالفعل من أزمات حادة. ومع تزايد عدد النازحين وانتشارهم في مختلف المناطق، يزداد تعقيد الوضع ويعمق المخاوف من تفاقم الأزمة بشكل أكبر.
تشير المعطيات إلى أن إسرائيل ليست على استعداد لوقف إطلاق النار قبل تحقيق أهدافها في لبنان. وفي ضوء استمرار العمليات العسكرية، تتواصل سياسة “الأرض المحروقة” التي طُبّقت في مناطق مثل النبطية وقانا الجليل، حيث ارتكبت إسرائيل مجازر جديدة، مخلفةً وراءها الدمار والركام.