مع دخول شهر رمضان، تكثر التحذيرات والمخاوف من تأثير استنشاق رائحة العطر أو استخدامه وأنه يُفطر الصائم.
وبناء على كثرة التساؤلات فقد أشار الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي جمهورية مصر العربية، بأنه يجوز شرعاً للصائم أن يتطيب في نهار رمضان، ولا حرج عليه في ذلك، مع مراعاة ألا يصل شيء من الطيب إلى جوفه.
وأضاف الدكتور علام أنه من شمائل النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، حبه الطيب والإكثار من التطيب؛ حيث روى النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حبب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة»، وروى الإمام البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما يجد، حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته».
ويمنع العطر والطيب إذا كان المسلم محرماً؛ فالطيب ممنوع أثناء الإحرام، ومع ذلك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع الطيب قبل الإحرام؛ روى الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم».
واستعمال العطر أثناء الصيام ليس من المفطرات، لأنه ليس له جسم مرئي، يمكن أن يدخل إلى الفم ومنه إلى المعدة، مثل البخور، الذي يمكن أن تُرى أجزاؤه في الجو، ولهذا يفتي الفقهاء بأن استنشاق البخور عمداً مفسد للصيام واستنشاق العطر ليس مفطراً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية وإذا كانت الأحكام التي تعُم بها البلوى لابد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بياناً عاماً، ولا بد أن تَنقل الأمةُ ذلك، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك عُلِمَ أنه من جنس الطيب والبخور والدهن، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجساماً، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوّى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة فلما لم يَنه الصائم عن ذلك دلّ على جواز تطييبه وتبخيره وإدّهانه وكذلك اكتحاله.