متابعة: نازك عيسى
تشكل الأرقام المتعلقة بسرطان الأمعاء لغزًا محيرًا للأطباء حول العالم، خاصة مع زيادة عدد الشباب النحفاء وذوي اللياقة العالية الذين يصابون بهذا السرطان. هذا الاتجاه الصحي المقلق دفع الخبراء إلى إعادة النظر في النظريات التقليدية التي تربط بين النظام الغذائي السريع والصحي والإصابة بالمرض.
وكشفت تقارير أن هناك زيادة ملحوظة في حالات سرطان الثدي والأمعاء والرئة بين الشباب على مستوى العالم. فيما يتعلق بسرطان الأمعاء، تشير بعض الدراسات إلى أن معدل الإصابة بين الأشخاص في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات ارتفع بنسبة 50% خلال العقود الثلاثة الماضية.
يرى بعض الخبراء أن السبب قد يكون مرتبطًا بزيادة استهلاك الوجبات السريعة وارتفاع معدلات السمنة، مما يؤثر على صحة الجهاز الهضمي. ومع ذلك، لا يفسر هذا الارتفاع في الإصابة بين الشباب النحفاء وذوي اللياقة البدنية العالية.
بالمقابل، تبقى معدلات الإصابة بسرطان الأمعاء مستقرة أو حتى منخفضة بين الفئات الأكبر سنًا، الذين يُعتبرون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.
وقد ربطت العديد من الدراسات الحديثة بين استهلاك الأطعمة السريعة والمعالجة بشكل مفرط (UPFs) وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون. على سبيل المثال، أظهرت دراسة حديثة من سنغافورة أن مركب ميثيل جليوكسال، الذي يُطلق عند تحلل الأطعمة السكرية والدهنية في الجسم، يؤثر على جين يساعد في مكافحة الأورام.
ووجدت دراسة اخرى ارتباطًا كبيرًا بين تناول الأطعمة فائقة المعالجة وزيادة خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام، وخاصة سرطان القولون.
ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن الاعتماد على هذه العوامل وحدها لتفسير ارتفاع معدلات الإصابة بين الشباب قد يكون تبسيطًا مفرطًا. يشير أطباء الأورام إلى أن الشباب البدناء والنحفاء على حد سواء يتم تشخيصهم بسرطان القولون بمعدلات متقاربة، مما يزيد من غموض الأسباب وراء هذا الانفجار في الحالات.
البروفيسور كارول سيكورا، وهو طبيب أورام عالمي ذو خبرة تزيد عن 40 عامًا، يشير إلى أن “تغيير أنماط الحياة” خلال الخمسين عامًا الماضية قد يكون العامل الرئيس وراء هذه الزيادة. لكنه يعترف بأن التغيير الذي زاد من خطر الإصابة بالسرطان ما زال لغزًا غير محلول. كما أوضح أن السمنة ليست العامل الوحيد، حيث لم يُلاحظ فرق كبير في معدل الإصابة المبكرة بين النباتيين، مما يزيد من تعقيد الصورة.
في النهاية، بينما قد تكون الوجبات السريعة ومستحضرات العناية بالبشرة غير الصحية عوامل مساهمة، يرى البروفيسور سيكورا أن إلقاء اللوم على هذه العوامل فقط هو تبسيط مفرط للقضية.