أصيلة 14 يوليوز 2024/ ومع/ لم يكن اختيار “مؤسسة منتدى أصيلة” أن تخصص حيزا معتبرا من الزمن الثقافي لموسم اصيلة الثقافي الدولي لفن الحفر والطباعة الفنية مفصولا عن رهانات مبدئية لديها منذ الدورات الأولى للموسم، قبل خمس وأربعين سنة، مرام يمكن اختصارها في تطلع أساس، هو جعل اللوحة في متناول أكبر قدر من المتلقين، وبناء قاعدة شغف بالفنون ودمقرطتها.
فغاية الحفر والطباعة الفنية الانتقال من الإنجاز الفني المفرد إلى النسخ المتعددة التي تستوفي كل مقومات الإبداع البصري، دون أن تكون مكلفة مثل اللوحة الصباغية وغيرها من صيغ التشكيل، فيسهل امتلاكها من قبل أكبر قاعدة من المولعين بتجميع الأعمال الفنية.
برواق مركز الحسن الثاني الدولي للمتلقيات، معرض يضم أزيد من 200 عمل فني بتقنية الحفر والطباعة تشكل مجموعة منتقاة من الأعمال التي تم إبداعها على مدى 45 سنة من عمر مشغل الحفر والطباعة، الذي كان ينظم سنويا ضمن فعاليات الموسم الثقافي الدولي بمشاركة رواد عالميين ومغاربة لهذا الفن.
وأبرز الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، أن برنامج هذه الدورة من موسم أصيلة الثقافي الدولي يسترجع ذاكرة هذا المشغل الخصيبة ومساره الحافل، موضحا أنه تم انتقاء حوالي 200 عمل من بين أكثر من 5000 آلاف عمل ضمن المجموعة الخاصة للمنتدى والتي تم إنجازها على مدى أربعة عقود ونصف من عمل المشغل.
وذكر بن عيسى أن مؤسسة منتدى أصيلة، سعت منذ بداية الموسم سنة 1978 إلى إحداث أحد المشاغل الأولى في المغرب، وربما الأول على الإطلاق، المتخصصة في الحفر والليتوغرافيا والسيريغرافيا وتدريب عدد كبير من الفنانين المغاربة من أجيال مختلفة على مهاراته، وذلك بتأطير من فنانين رواد من المغرب والبلدان العربية، ومن الهند واليابان والولايات ، وأمريكا اللاتينية، ومن دول إفريقية شتى.
يذكر أنه توافدت على مدى الدورات أسماء لامعة في سماء الحفر والليتوغرافيا على المشغل، باحثة عن الإلهام أو مقبلة بجود وكرم على تقاسم الخبرات والمعارف، من قبيل روبير بلاكبورن ( اميركا) ورومان أرتيموفسكي (بولونيا) ورافع الناصري ( العراق )وعمر خليل(السودان) وديفيد دي ألميدا(البرتغال) وشو طاكاهاشي( اليابان)وآخرين، والذين شكلوا جزءا من تراث المشغل الرمزي.
ويمكن هذا المعرض، الذي افتتح مساء السبت بحضور مسؤولين وشخصيات من عالم الفن والثقافة والفكر، من استعراض حصيلة مشغل الحفر والطباعة الفنية من الأعمال، وتعريف الأجيال الجديدة بها.
وأكد الأمين العام المساعد لمنتدى أصيلة، توفيق لوزاري، ان المعرض يتوج 45 سنة من عمر مشغل الحفر والطباعة الفنية، حيث يعرض أعمالا تمثل كل الحقب والسنوات التي مر منها الموسم، معتبرا أن الأعمال المعروضة هي ضمن مجموعة كبيرة تغني الخزانة الوطنية من الأعمال الإبداعية من مختلف بقاع العالم، من آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا وإفريقيا والعالم العربي والمغرب أيضا.
وأشار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن انتقاء هذه المجموعة المختارة للعرض تطلب “عملا كبير ومجهودا جبارا، أولا خلال عملية الانتقاء وثانيا خلال عملية التأهيل لكي تكون في حلة جديدة ليستمتع بها الزائر وسكان أصيلة”.
تبرز نظرة على الأعمال المعروضة ، تقاطعات واختلافات الأعمال باختلاف تقنيات وخيال المبدعين، بل وأيضا قدرتهم على تطويع المعادن وحفرها لتعطي في الأخير عملا في الحفر والطباعة الفنية.
وقال يوسف الكهفعي ، الفنان التشكيلي المغربي المختص في الحفر والمسؤول عن انتقاء الأعمال المعروضة، أن “المعرض يضم بالكاد حوالي 5 في المائة من المجموعة الخاصة لموسم أصيلة في هذه التقنية”، موضحا أن معرض الحفر يجسد إبداعات مجموعة من الفنانين من مدارس مختلفة، قدموا من العالم ليشتغلوا بأصيلة حيث أقيم أول محترف لفن الحفر واللوحة المطبوعة بالمغرب”.
وتابع، في تصريح مماثل، أن المجموعة كاملة “خضعت لدراسة علمية وتقنية لإخراج المعرض إلى الوجود”، موضحا أن من بين معايير الاختيار “نوعية العمل من جهة، وقيمة الفنانين المشاركين من جهة أخرى، لاسيما وأن من بينهم فنانون دوليون أثروا في الفن المعاصر، وأسماء وازنة من المغرب”.
من بين الأسماء المغربية المشاركة في المعرض، الفنانة سناء السرغيني التي لم تخف اعتزازها الكبير بكون عملها يوجد ضمن المجموعة الحصرية المعروضة التي تضم عددا من الأسماء العالمية، مضيفة “كنا من المحظوظين بالمشاركة في ورشات ومشاغل الحفر بموسم أصيلة، تدربنا على تقنيات جديدة على يد فنانين عالميين، كما نهلوا هم أيضا من فضاءات مدينة أصيلة وتجهيزات مشاغلها، كان هناك أخذ وعطاء”.
الأخذ والعطاء، هو الوازع الذي كان يحرك القائمين على شؤون موسم أصيلة للحرص على برمجة مشغل الحفر والطباعة الفنية كل سنة، باستضافة زوار كل دورة، مع تفرد هذه الدورة بتكريم خاص لمليكة أكزناي، التي تعتبر من رواد فن الحفر والطباعة بالمغرب، والياباني الذائع الصيت أكيمي نوكوشي، وذلك من خلال تخصيص رواق خاص بهما من المعرض، إلى جانب تنظيم ندوة تجمع أكاديميين ونقاد وفنانين للحديث عن الذاكرة والمسار، وكذا عن أصول وقواعد فن الحفر والاحتفاء بهما.