متابعة: نازك عيسى
أحدثت الانتخابات التشريعية في فرنسا زلزالاً سياسياً بعد نتائج الدور الأول، التي وضعت اليمين المتطرف، بقيادة حزب التجمع الوطني، في الصدارة. وهذا الوضع يهدد بوصول اليمين المتطرف إلى الحكومة لأول مرة في تاريخ البلاد، مما دفع أحزاباً فرنسية بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون للتحرك نحو إنشاء تحالف لمنع هذا السيناريو.
بعد دعوة ماكرون الأحزاب إلى التحالف، بدأ معارضو اليمين المتطرف في فرنسا جهودهم لبناء جبهة موحدة لقطع الطريق أمام حزب التجمع الوطني، بقيادة مارين لوبان، من الوصول إلى السلطة بعد تحقيقه مكاسب تاريخية في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية. وأظهرت النتائج الرسمية أن حزب التجمع الوطني وحلفاءه حصلوا على 33% من الأصوات في جولة الأحد.
وجاء تحالف يساري في المركز الثاني بحصوله على 28% من الأصوات، فيما حصل تحالف الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يضم أحزابا منتمية لتيار الوسط، على 22% فقط من الأصوات. ويحتاج التجمع الوطني للحصول على 289 مقعدا على الأقل في البرلمان ليحصل على الأغلبية. وتشير تقديرات استطلاعات الرأي إلى أن الجولة الأولى وضعت الحزب على مسار الحصول على ما بين 250 و300 مقعد، لكن هذا قبل تأثير الانسحابات التكتيكية التي قد تعيد تشكيل نوايا الناخبين في نهاية الأسبوع المقبل.
قال زعماء الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية وتحالف الوسط الموالي لماكرون إنهم سيسحبون مرشحيهم في المناطق التي يحظى فيها مرشح آخر بفرصة أفضل للتغلب على حزب التجمع الوطني في الجولة الثانية يوم الأحد المقبل. ولم يتضح مبدئياً إمكان تطبيق اتفاق مثل هذا في حال كون المرشح من اليسار ينتمي لحزب “فرنسا الأبية” اليساري المتطرف، الذي يتزعمه جان لوك ميلينشون، المعروف بمقترحاته الراديكالية حول الضرائب والإنفاق وخطابه المتعلق بالتناحر الطبقي. وذكر مصدر حضر اجتماعاً مغلقاً أن ماكرون أخبر الوزراء الاثنين أن منع حزب التجمع الوطني من الحصول على الأغلبية هو الأولوية القصوى.
وأوضح المصدر أن هدف الاجتماع كان التأكيد على أن الاتفاق سيُطبق على مرشحي “فرنسا الأبية” بناءً على النظر في كل حالة منفردة. وأنهى ماكرون كلمته في اجتماع قصر الإليزيه قائلاً: «هجوم!». من جهته، ناشد رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال الناخبين «عدم إعطاء اليمين المتطرّف ولو صوتاً واحداً في الجولة الثانية من الانتخابات العامة» المقررة الأحد المقبل.
أما زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، فأكدت أن «معسكر ماكرون تم محوه عملياً»، معلنة إعادة انتخابها من الدورة الأولى في دائرتها با دو كاليه بشمال البلاد.
ورفض حزب الجمهوريين (يمين محافظ)، الذي حصل على نحو 10% من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، دعوة ناخبيه إلى التصويت ضد التجمع الوطني اليميني المتطرف في الدورة الثانية.
في معسكر اليسار، أعلن المدافعون عن البيئة والاشتراكيون والشيوعيون أنهم سينسحبون إذا كان هناك مرشح آخر في موقع أفضل لمنع فوز التجمع الوطني. كما أعلن رئيس كتلة اليسار الراديكالي، جان لوك ميلينشون، انسحاب مرشحي اليسار الذين احتلوا المركز الثالث.
وفي إطار ردود الفعل الشعبية، خرج آلاف الأشخاص في فرنسا إلى الشوارع للتظاهر ضد صعود اليمين المتطرف بعد الأداء القوي لحزب التجمع الوطني في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية. واحتشد الناس في باريس والعديد من المدن الأخرى للاحتجاج ضد حزب مارين لوبان والتحول نحو اليمين في فرنسا. وشهدت ساحة الجمهورية بالعاصمة تجمعاً احتجاجياً حاشداً بدعوة من التحالف اليساري الجديد، وشارك في الاحتجاج أيضاً سياسيون يساريون بارزون.
يتبقى الآن أسبوع على جولة الإعادة المقررة في السابع من يوليو، وستعتمد النتيجة النهائية على مدى استعداد الأحزاب لتوحيد قواها في الدوائر الانتخابية الفرنسية البالغ عددها 577 في الجولة الثانية.