متابعة بتول ضوا
يُخفي عالم النجاح وراء ابتساماته المتلألئة صراعاتٍ نفسية عميقة قد لا يدركها الكثيرون. ومن بين هذه الظواهر النفسية التي تُصيبُ المُتميزين، تبرز متلازمة “البط العائم” كأحد أكثرها شيوعًا. فما هي هذه المتلازمة؟ وكيف تُمكننا من التعرف عليها وتجاوز مخاطرها؟
ما هي متلازمة “البط العائم”؟
تُشير متلازمة “البط العائم” إلى حالة نفسية يظهر فيها الشخص بمظهر هادئ وواثق وناجح، بينما يعاني داخليًا من مشاعر القلق والتوتر والشك الدائم في قدراته.
شبيهة بالبط الذي يبحر بسلاسة فوق الماء، بينما تبذل أقدامه جهدًا هائلًا تحت الماء للحفاظ على التوازن، يُجسّد هذا المصطلح التناقض بين الصورة الخارجية المثالية والصراعات الداخلية المضنية التي يعيشها الشخص المُصاب بهذه المتلازمة.
لماذا تنتشر بين الناجحين؟
يُعتقد أن الضغوط المُتزايدة لتحقيق النجاح تلعب دورًا رئيسيًا في انتشار هذه المتلازمة بين المُتميزين.
ففي سعيه الدؤوب للوصول إلى الكمال وإثبات جدارته، يُصبح الشخص مُعرضًا لـ:
- الخوف من الفشل: يُصبح هاجس الفشل مُسيطرًا على تفكير الشخص، ممّا يُؤدّي إلى قلقٍ مُزمن وتوترٍ دائم.
- الشك بالنفس: يُشكّ الشخص بقدراته وإمكانياته، ممّا يُعيق تقدمه ويُقلّل من ثقته بنفسه.
- مقارنة الذات بالآخرين: يُقارن الشخص نفسه باستمرار بالآخرين، ممّا يُشعره بالنقص ويُفاقم من شعوره بالقلق.
مخاطر متلازمة “البط العائم”
على الرغم من أنّ السعي للكمال والنجاح صفاتٌ إيجابية، إلّا أنّ الإفراط في ذلك دون مراعاة الصحة النفسية قد يُؤدّي إلى مخاطر جمة، منها:
- الإرهاق النفسي: يُعاني الشخص من ضغوطٍ نفسية هائلة تُؤثّر على صحته الجسدية والنفسية.
- الاكتئاب: قد تتطور مشاعر القلق والتوتر إلى اكتئابٍ حادٍّ يُعيق قدرة الشخص على ممارسة حياته بشكلٍ طبيعي.
- الابتعاد عن العلاقات الاجتماعية: قد ينسحب الشخص من علاقاته الاجتماعية خوفًا من إظهار ضعفه أو عدم قدرته على التحكم بمشاعره.
كيف نتجاوز متلازمة “البط العائم”؟
لا تُعدّ متلازمة “البط العائم” عيبًا أو ضعفًا، بل هي حالة نفسية قابلة للعلاج والتجاوز. وإليك بعض الخطوات التي تُساعد في التغلب عليها:
- الاعتراف بوجود المشكلة: الخطوة الأولى هي الاعتراف بوجود هذه المشكلة والقبول بأنّها ليست علامة على الفشل.
- طلب المساعدة: لا تتردد في طلب المساعدة من معالجٍ نفسيّ مُختصّ يُمكنه مساعدتك على فهم مشاعرك وتطوير آلياتٍ صحية للتعامل معها.
- الاهتمام بالنفس: خصص وقتًا كافيًا لنفسك لممارسة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- ممارسة تقنيات الاسترخاء: يُمكنك ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا للمساعدة في تقليل التوتر والقلق.
- التخفيف من ضغوط العمل: حاول تنظيم وقتك بشكلٍ أفضل وتحديد أولوياتك، وتجنّب الإفراط في العمل.
- التقبّل الذاتي: تقبّل نفسك كما أنت مع نقاط قوتك وضعفك، وتجنّب مقارنة نفسك بالآخرين