متابعة بتول ضوا
منذ فجر الحضارة، سعى الإنسان للتعبير عن مشاعره وأفكاره من خلال الموسيقى. ومن بين الآلات الموسيقية التي ابتكرها عبر التاريخ، تبرز الهارمونيكا الزجاجية كقطعة فنية فريدة تصدر نغمات ساحرة وأصواتا رنانة لا مثيل لها.
يعود تاريخ هذه الآلة إلى القرن السابع عشر، حيث ابتكرها العالم بنجامين فرانكلين عام 1761. وانتشرت بسرعة في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، وأصبحت رمزا للأناقة والترف في القصور الملكية.
مبدأ عمل سحري:
تعتمد آلية عمل الهارمونيكا الزجاجية على اهتزاز جدران الأوعية الزجاجية عند فركها بأصابع مبللة. وتتكون من مجموعة من الأوعية الزجاجية بأحجام مختلفة، يتم تثبيتها على مغزل وتدويرها يدويًا بواسطة دواسة القدم.
يسمح تناغم أحجام الأوعية الزجاجية بإصدار نغمات مختلفة، مما يجعلها قادرة على عزف مجموعة واسعة من الألحان.
أساطير مرعبة:
على الرغم من روعتها، ارتبطت الهارمونيكا الزجاجية بالعديد من الأساطير والخرافات الغامضة.
فقد لقبها البعض بـ “أخطر أداة في العالم” وسط مزاعم أنها تقتل الأشخاص الذين كانوا يستخدمونها أو يستمعون إلى نغماتها.
بدأت هذه الشائعات في الانتشار بحلول عشرينيات القرن التاسع عشر، بعد أن بدأ الناس في الإبلاغ عن قصص مروعة بعد العزف عليها.
اتُهمت الآلة بالتسبب في الدوخة والعصبية والهلوسة والتشنجات، بل ووفاة طفل في ألمانيا أثناء أحد العروض.
تفسير علمي غامض:
لا يوجد حتى الآن تفسير علمي واضح حول ما يمكن أن تسببه هذه الآلة الغريبة. ويرجح بعض الباحثين أن الرصاص الناتج عن الأوعية الكريستالية أو الطلاء الموجود فيها يتم امتصاصه في أصابع الموسيقيين، مما قد يؤدي إلى أعراض مرضية.
تأثير موسيقي عميق:
رغم كل ما يحيطها من غموض، ألهمت نغمات الهارمونيكا الزجاجية العديد من المؤلفين الموسيقيين المشهورين، ولحنوا مقطوعات موسيقية خاصة لهذه الآلة، مما ساهم في انتشارها وشعبيتها:
تظل الهارمونيكا الزجاجية حتى يومنا هذا آلة موسيقية فريدة من نوعها، تثير الفضول والتساؤلات. فهل هي حقا أداة موسيقية ساحرة أم أخطر أداة في العالم؟
ويبقى الجواب غامضا، تاركا المجال مفتوحا أمام عشاق الموسيقى والمؤرخين لاستكشاف أسرارها وجمالها.