متابعة-جودت نصري
على مر التاريخ، استحوذت الجبال على خيال الإنسان بمكانتها المهيبة ومناظرها الخلابة وتضاريسها الصعبة. بالنسبة للكثيرين، تمثل هذه القمم الاختبار النهائي للقدرة على التحمل والمهارة والمثابرة، بينما بالنسبة للآخرين، فهي توفر اتصالًا لا مثيل له بالطبيعة وفرصة للتأمل.
جبل ايفرست
يعد جبل إيفرست، الواقع على الحدود بين نيبال والصين، قمة إنجازات تسلق الجبال. بفضل ارتفاعه المذهل ومكانته المهيبة، يجذب جبل ايفرست المتسلقين في جميع أنحاء العالم الذين يحلمون بغزو منحدراته. ومع ذلك، فإن الرحلة إلى القمة ليست سهلة على الإطلاق؛ يجب على المتسلقين أن يتعاملوا مع البرد القارس، والطقس غير المتوقع، والشقوق الخطيرة التي تجعل من جبل ايفرست واحدًا من أصعب الجبال التي يمكن تسلقها. وعلى الرغم من هذه العقبات، فإن جاذبية الجبل لا تزال غير منقوصة. وقد صنع العديد من المتسلقين التاريخ على قمة ايفرست، مثل السير إدموند هيلاري وتينزينج نورجاي 1953، اللذين تسلقا الجبل للمرة الأولى. كان رينهولد ميسنر وبيتر هابيلر أول من وصل إلى القمة من دون أكسجين إضافي في عام 1978، وكانت جونكو تابي أول امرأة تصل إلى القمة في عام 1975. وفي كل عام، يستمر الجبل في إبهار المغامرين، مما يوفر لهم تجربة فريدة من نوعها.
K2
تقع قمة K2، ثاني أعلى قمة في العالم، على الحدود بين باكستان والصين. يُعرف K2 بصعوبته الفنية وظروفه الغادرة، ويُشار إليه غالبًا باسم “الجبل المتوحش”. إن المنحدرات الشديدة والانهيارات الجليدية المتكررة والممر الضيق الذي أودى بحياة العديد من الأشخاص، كلها عوامل تجعل من K2 تحديًا لا يجرؤ على القيام به إلا المتسلقون الأكثر مهارة وخبرة. تم إنجاز أول صعود ناجح إلى K2 بواسطة أشيل كومبانيوني ولينو لاسيديلي في عام 1954. والجدير بالذكر أن قمة K2 لم يتم تسلقها مطلقًا خلال أشهر الشتاء، مما يسلط الضوء على الظروف القاسية التي يواجهها المتسلقون في هذه القمة. ويتميز تاريخ الجبل أيضًا بإنجازات غير عادية، مثل الإنجاز الذي حققه المتسلق البولندي أندريه بارجيل عام 2018، والذي أصبح أول شخص يتزلج أسفل الجبل من قمته.
جبل كليمنجارو
جبل كليمنجارو، أعلى جبل في أفريقيا، هو بركان خامد يقع في تنزانيا. ذروته المغطاة بالثلوج، وتحيط به السهول الشاسعة والسافانا، تتناقض مع المناظر الطبيعية الاستوائية. يتألف كليمنجارو من ثلاثة مخاريط بركانية – كيبو وماوينزي وشيرا – وتعتبر قمة أوهورو في كيبو أعلى نقطة. تم إنجاز أول تسلق ناجح لكليمنجارو على يد هانز ماير ولودفيج بورتشيلر في عام 1889. ويعد تسلق كليمنجارو مغامرة يسهل الوصول إليها أكثر من إيفرست أو K2، لأنه لا يتطلب مهارات تسلق فنية. ونتيجة لذلك، ينطلق الآلاف من المتنزهين كل عام للوصول إلى قمته، ويمرون عبر مناطق مناخية مختلفة، من الغابات المطيرة إلى صحاري جبال الألب. يعد الجبل أيضًا موطنًا لنباتات وحيوانات فريدة من نوعها، مثل نباتات الأرض العملاقة واللوبيليا التي تكيفت مع البيئة القاسية على الارتفاعات العالية.
جبل فوجي
يعد جبل فوجي في اليابان رمزًا مبدعًا للبلاد. لقد كان هذا البركان الطبقي، الذي اندلع آخر مرة في عام 1707، مصدر إلهام لعدد لا يحصى من الأعمال الفنية والشعر والأدب عبر التاريخ الياباني. خلال موسم التسلق، الذي يمتد من يوليو إلى سبتمبر، يصعد آلاف السائحين جبل فوجي عبر مسارات جيدة الصيانة للوصول إلى القمة ومشاهدة شروق الشمس المذهل من القمة. وفي عام 2013، تم تصنيف جبل فوجي كموقع للتراث العالمي لليونسكو، مما عزز مكانته كرمز لليابان ومصدر للإلهام للأجيال القادمة.
مونت بلانك
يقع جبل مونت بلانك على الحدود بين فرنسا وإيطاليا، ويعتبر أعلى قمة في جبال الألب واوروبا الغربية. يعد اسمه “الجبل الأبيض” وصفًا مناسبًا للقمة المغطاة بالثلوج والجليد والتي تهيمن على الأفق. يوفر مونت بلانك مجموعة من طرق التسلق، بدءًا من الصعود المناسب للمبتدئين وحتى التسلق الفني الأكثر تحديًا، مما يجعله وجهة جذابة لمتسلقي الجبال من جميع مستويات المهارة. يتميز الجبل أيضًا بتاريخ غني، حيث تم تسجيل أول صعود له على يد جاك بالمات وميشيل غابرييل باكارد في عام 1786، مما يمثل ولادة تسلق الجبال الحديث. إن جمال مونت بلانك المذهل وتضاريسه المتنوعة جعل منه وجهة مفضلة لعشاق الهواء الطلق، الذين يمكنهم الاستمتاع بالتزلج على الجليد والمشي لمسافات طويلة والطيران المظلي وسط مناظر جبال الألب الخلابة.