متابعة-جودت نصري
اعتاد الناس على تناول الحلويات بعد الانتهاء من الوجبات الرئيسة بوصفه نوعاً من «التحلية»، والكثير يجهل السبب وراء زيادة تلك الرغبة، فمن أين جاءت هذه العادة؟ وهل هذا الفعل صحي؟
تكرار الدماغ للوظائف
عادة ما يعمل الدماغ على طريقة Auto Pilot؛ أي إنه يلجأ إلى تكرار الوظائف نفسها بالترتيب نفسه، من دون التفكير فيها. يرجح بعض العلماء أن هذه العادة قد تعود إلى الطفولة المبكرة؛ حيث إن الكثير من الأمهات يلجأن إلى تحفيز أطفالهن على إنهاء الوجبة عن طريق مكافأتهم بالحلويات مباشرة في حال الانتهاء من الأكل، ومن هنا يبدأ الارتباط بالفكرة، ويلجأ المخ بطريقة غير إرادية للرغبة في تناول السكر بشكل مباشر بعد الفراغ من الوجبة.
دائماً ما نقول إن العادات الغذائية ترتبط بنا في أعمار مبكرة جداً، لذلك على الأمهات تثقيف أنفسهن حول تغذية الطفل، والآثار السلبية التي قد تنتج بسبب العادات المكتسبة في المراحل الأولى من العمر.
ولكسر وضع الطيار الآلي الذي يعمل به الدماغ، علينا البدء بإعطائه أوامر مختلفة، فإذا اعتاد الشخص على تناول الحلويات بشكل مباشر بعد وجبة العشاء، فعليه القيام ببعض المهمات لمدة ما بين 15 إلى 30 دقيقة لفترة من الزمن، حتى يعتاد المخ على النظام الجديد، ويتناسى الحاجة إلى تناول السكر بعد الوجبة.
العلاقة بهرمونات الجسم
قد تكون للرغبة في استهلاك السكريات علاقة بالهرمونات في الجسم؛ إذ يفزر الجسم هرمون الشبع الذي يعرف بـ Leptin، وهو الهرمون المسؤول عن إرسال رسائل إلى المخ لتخبره بالتوقف عن الأكل؛ لأننا وصلنا إلى مرحلة الشبع. هناك حالة تعرف بـ Leptin Resistance ، وفيها يعجز الهرمون عن إيصال الأمر إلى المخ؛ لذلك يفقد الجسم الإحساس بالشبع. وفي المقابل هناك هرمون الجوع الذي يعرف بـ Ghrelin، الذي بدوره ينبه الجسم إلى ضرورة الأكل.
في هذه الحالة، قد يعاني الشخص إما من مشكلة، وهي مقاومة هرمون الشبع، وبالتالي يشعر دائماً بالجوع أو أن استهلاكه لكمية الوجبات الرئيسة قليل، وبالتالي يستمر هرمون الجوع في إرسال رسائل الجوع، وفي كلتا الحالتين استهلاك السكريات هو الحل المفضل بالنسبة إلى الجسم؛ حيث إنه يوفر الطاقة للجسم بشكل أسرع.
يكمن الحل في استهلاك كميات أكبر من البروتين والألياف على وجبة العشاء؛ لإعطاء الجسم الشعور بالشبع، وبذلك تقل الحاجة إلى تناول السكريات بعد الوجبة. أما في حالة كان الشخص يعاني من مشكلة في مقاومة هرمون الشبع، فتلك مشكلة إلى حد ما معقدة، وتحتاج إلى المتابعة مع أخصائي تغذية. وعادة ما تظهر هذه المشكلة عند الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة؛ حيث إنها مشكلة تظهر بسبب زيادة نسبة الدهون في الجسم.
الأكل السريع
يعدّ الأكل بسرعة إحدى المشاكل؛ حيث إن المخ يحتاج إلى وقت ليستوعب كمية الأكل التي يتناولها الأشخاص؛ لذلك نجد أن الأشخاص الذين يتناولون الأكل بسرعة عادة ما يستهلكون كمية أكل أكبر بكثير من الأشخاص الذين يتناولون الأكل ببطء، ويعود ذلك إلى أن الدماغ يحتاج على الأقل إلى 20 دقيقة ليستوعب كميات الأكل المدخلة، وبالتالي يبدأ بإرسال رسائل التوقف عن الأكل.
ومن مشاكل الأكل السريع عدم وصول الشخص إلى الشعور بالرضا بعد الوجبة الذي عادة ما يرسله الأكل إلى المخ، إضافة إلى الشعور بالشبع؛ لذلك يلجأ الأشخاص إلى تناول الحلويات والسكريات بعد الوجبة.
وللتغلب على هذه المشكلة، نوصي بمضغ الأكل جيداً، وإنهاء الوجبة في مدة لا تقل 20 إلى 30 دقيقة؛ ليتمكن الجسم من إرسال الرسائل اللازمة إلى المخ.