مع استمرار حالات الإصابة بفيروس كورونا على نطاق عالمي، تبادر إلى أذهان الكثيرين تساؤل حول مدى فعالية استخدام كمامة واحدة للوجه. بل بدأ بعض أبرز الشخصيات في العالم مضاعفة استخدام الكمامات. وهي خطوة يقول الباحثون إنها مدعومة بشكل متزايد بالبيانات.
هذا، ويؤكد الخبراء أنه ليس من الضروري استخدام القناع المزدوج. بل يكفي جمع طبقات متعددة من الكمامات الرقيقة. التي تحقق كفاءات عالية جداً في منع الفيروسات من الخروج ودخول مجرى الهواء.
بعد مرور عام على انتشار الجائحة، حيث يبدو العالم مختلفاً تماماً، تشير آخر الإحصائيات إلى أنه تم توثيق أكثر من 90 مليون إصابة مؤكدة بالفيروس في جميع أنحاء العالم، ما خلف ملايين القتلى وعدد لا يحصى من المرضى الذين يعانون من أعراض باقية. إضافة إلى العديد من الصعوبات الاقتصادية المستمرة وإغلاق المدارس والشركات. كما ظهرت أنواع جديدة من الفيروس تحمل تغييرات جينية يبدو أنها تعزز قدرتها على الانتشار من شخص لآخر. وعلى الرغم من أن العديد من اللقاحات قد أزالت الآن عقبات تنظيمية، فإن بدء الحقن كان بطيئاً. ولا دليل قاطعاً حتى الآن لإظهار أن اللقاحات سيكون لها تأثير كبير في سرعة انتشار الفيروس.
دور مهم
من خلال كل هذا التغيير تمسّك الباحثون بالكمامات، حيث صرّحت د.مونيكا غاندي، طبيبة الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، قائلة: «لن يحتاج الأميركيون إلى ارتداء الكمامات إلى الأبد. لكن في الوقت الحالي هم بحاجة إلى البقاء في أماكنهم، وتقديم الحماية لكل من يرتدي الكمامات والأشخاص من حولهم».
تمتد الحجج الخاصة بالتغطية على العديد من مجالات العلوم، بما في ذلك علم الأوبئة والفيزياء. حيث اقترحت مجموعة من الدراسات القائمة على الملاحظة أن ارتداء الكمامات على نطاق واسع يمكن أن يحد من العدوى والوفيات في أماكن صغيرة، مثل صالونات تصفيف الشعر أو المقاهي.
هذا ووجدت إحدى الدراسات التي تتبعت سياسات الدولة التي تفرض تغطية الوجه في الأماكن العامة، أن حالات «كورونا» المعروفة تتضاءل مع قواعد ارتداء الكمامات، كما لوحظ انخفاض كبير في عدد نتائج الاختبارات الإيجابية بين العاملين في مجال الرعاية الصحية في بوسطن، بعد أن أصبحت الكمامات عنصراً أساسياً عالمياً بين الموظفين.
ووجدت دراسة أجريت في بكين أن الكمامات فعّالة بنسبة 79% في منع انتقال العدوى من الأشخاص المصابين إلى من هم على اتصال وثيق بهم، وهو ما أكدته د.لينسي مار، الخبيرة في انتقال الفيروسات في جامعة فيرجينيا التقنية. حيث بيّنت بأن «فيروسات الجهاز التنفسي مثل فيروس كورونا. التي تنتقل بين الناس عن طريق البصاق والرذاذ التنفسي تحتاج إلى قناة واضحة لدخول مجرى الهواء المزدحم بأنواع الخلايا التي تصيبها الفيروسات. والكمامات التي تغطي الأنف والفم تمنع هذا الغزو».
حماية متكاملة
أظهرت التجارب التي تختبر مدى قدرة الكمامات على دخول الرذاذ من الخارج أنه حتى المواد الأساسية إلى حد ما، مثل أغطية القماش والأقنعة الجراحية، يمكن أن تكون فعالة بنسبة 50% على الأقل في أي من الاتجاهين. كما أعادت العديد من الدراسات التأكيد على فكرة أن الأقنعة تبدو أفضل في حماية الأشخاص المحيطين بمن يرتدونها من مرتديها أنفسهم. كما لاحظت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن هناك فوائد كبيرة لمن يرتدون الكمامات أيضاً.
تبقى كمامات N95 الأفضل التي تم تصميمها بكفاءة ترشيح عالية للغاية. لكن لا يزال هناك نقص في العاملين الصحيين الذين يحتاجون إليها لعلاج المرضى بأمان. كما يمكن أن يوفر وضع قناعين أقل تخصصاً بعضهما فوق بعض، حماية مماثلة. حيث أوصت الدكتورة لينسي مار بارتداء الكمامات القماشية التي تعانق الوجه فوق الأقنعة الجراحية، التي تميل إلى أن تكون مصنوعة من مواد أكثر ملاءمة للفلتر ولكنها مناسبة أكثر. وبالتالي فالبديل هو ارتداء قناع من القماش بجيب يمكن حشوه بمادة الترشيح، مثل النوع الموجود في أكياس التفريغ.
التأثير السلبي
إن ارتداء أكثر من كمامتين أو وضع كمامات جيدة جداً، يمكن أن يؤدي إلى جعل التنفس أكثر صعوبة. لذلك يسعى الخبراء إلى تصميم تعديلات جديدة على الكمامات بإمكانها تسهيل عملية التنفس. مثل الأربطة التي تثبت النسيج حول مؤخرة الرأس، بدلاً من الاعتماد على حلقات الأذن التي تسمح الكمامات بدخول محتمل للرذاذ، إضافة إلى توفر جسور الأنف التي يمكن أن تساعد الجزء العلوي من القناع ليلائم بشكل أكبر تعزيزاً وقائياً أيضاً.
لا قناع مثالياً، كما أن ارتداء أحدها لا يلغي تدابير الصحة العامة الأخرى، مثل التباعد الجسدي والنظافة الجيدة. وهو ما أكدته جينيفر نوزو، خبيرة الصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز: “علينا أن نكون صادقين في أن أفضل استجابة هي التي تتطلب تدخلات متعددة”.