بقلم: عادل السنهوري
من هو الرئيس القادم للولايات المتحدة؟ هذا السؤال لا يشغلنا فقط في المنطقة العربية، ولكنه يشغل دوائر صنع القرار في العواصم العالمية الكبرى في موسكو وبكين ولندن وباريس. فالرئيس الأمريكي القادم يجدّد ملامح خريطة العالم بعلاقاته المتشابكة وصراعاته المنتظرة والمتوقّعة، والأهم شكل الاقتصاد العالمي في السنوات الأربع المقبلة. فواشنطن تمثل ما بين 20 و25% من الاقتصاد العالمي، وما يحدث في الاقتصاد الأمريكي يؤثر سلباً وإيجاباً في باقي الاقتصادات الأخرى. العالم يترقب يوم الثالث من نوفمبر المقبل، وما إذا كان الناخب الأمريكي سيمنح دونالد ترامب البقاء في البيت الأبيض لأربعة أعوام أخرى، أم أن المزاج السياسي المغامر للشعب الأمريكي سيدفع بالمرشح الديمقراطي جون بايدن – نائب الرئيس السابق باراك أوباما – إلى كرسي الرئاسة ليصبح الرئيس رقم 36 في تاريخ الولايات المتحدة.
استطلاعات الرأي وقياس المزاج العام للناخبين تسير حتى الآن وعقب المناظرة الأولى إلى تقدم المرشح جو بايدن. إلا أن تجربة الاستطلاعات السابقة في انتخابات 2016 بدأت تثير المخاوف والشكوك حول نتائج هذه الاستطلاعات. فقد جاءت نتائج قياس الرأي كلها لتؤكد تفوّق هيلاري كلينتون على ترامب، ثم جاءت المفاجأة بفوز ترامب، فهل يتحقق ذلك للمرة الثانية؟
البعض يتوقع إمكانية تكرار النتيجة السابقة، والبعض الآخر يتوقع العكس مع اختلاف الظروف. وجريان أحداث كثيرة في مجرى السياسة الداخلية والخارجية لإدارة ترامب على الرغم من المراهنة على المتأرجحين في التصويت في اللحظات الأخيرة. عموماً مجموعة استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تقدم بايدن، رغم الثقة التي يتحدث بها ترامب عن فوزه الأكيد. وأنه «سيد البيت الأبيض القادم» رغم أنه لم يتبقَّ سوى أقل من 20 يوماً على الانتخابات. وخصمه يتقدم عليه في الاستطلاعات.
ترامب يواجه تحدياً كبيراً لم يكن متوقعاً في معركة المنافسة الانتخابية. ولكنه يتحمل تداعياتها وهو تحدي استمرار تفشي وباء «كورونا» الذي أصاب حوالي 6.5 ملايين شخص في الولايات المتحدة. وأودى بحياة أكثر من 193 ألفاً.علاوة أيضاً على الأحداث العنصرية التي وقعت في بعض الولايات، فهل يحقق ترامب المفاجأة؟
الرئيس الأمريكي، وهو من كبار رجال الأعمال، يدرك جيداً كيف يغازل الناخب الأمريكي المعني بلغة الأرقام المتصاعدة في الخزانة العامة للدولة. وفي جيوب الأمريكيين وحجم الوظائف التي وفرها لهم، والأموال التي وعد بالحصول عليها لإنعاش الاقتصاد. فقد عرف الرجل من أين تؤكل الكتف لدى المواطن الأمريكي وكانت – وما زالت – كل تصرفاته ومنطقه في السياسة يعكس طبيعة رجل الأعمال.. ولذلك يراه محللون سياسيون أنه أول رجل أعمال يجلس على مقعد الرئاسة الأمريكية.
ترامب أيضاً يعتمد على علاقاته الجيدة مع الخارج. ولا يركّز فيها على القضايا الشائكة مثل حقوق الإنسان أو الأقليات وغيرها. وإنما ينظر دائماً إلى ما تحقّقه هذه العلاقات من مصلحة للاقتصاد الأمريكي. ولذلك لا يضيره التعامل مع كل الأنظمة في العالم، خلافاً للديمقراطيين.
أما الأهم لدى ترامب فهو ما حصلت عليه إسرائيل من دعم غير مسبوق في ظل إدارته.
دونالد ترامب بشخصيته المثيرة للجدل ومغامرته والمفاخر بأمريكيته. وأن أمريكا أولاً قبل أي شيء، قد تعجب الناخب الأمريكي الذي قد يبقى داعماً لترامب وبقائه في البيت الأبيض. ونحن أيضاً في عالمنا العربي قد يفضّل معظمنا استمرار ترامب في الرئاسة على طريقة المثل الشائع «من تعرفه خير ممن لا تعرفه».
وهنا يبقى السؤال، هل تحسم الخبرة السياسية لجو بايدن سباق المنافسة. فالمرشح الديمقراطي له خبرة كبيرة في الحياه السياسية الأمريكية منذ السبعينيات. وهي خبرة غير متوافرة للرئيس ترامب القادم من عالم الاقتصاد إلى عالم السياسة الأمريكي. ونقص خبرته السياسية، انعكس بشكل واضح في خطابه السياسي وإدارته للسياسة الخارجية التي سببت الكثير من الخلافات بين واشنطن ومعظم دول العالم. ومنها حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا.
لكن هل تكفي الخبرة السياسية وحدها في حسم سباق الرئاسة الأمريكية لصالح بايدن.
الإجابة غير قاطعة هنا، فالرجل تنقصه الكاريزما السياسية والشخصية والحضور الطاغي واللياقة الذهنية والصحية. وهي كلها عوامل وعناصر مؤثرة لدى الناخب الأمريكي. دعونا ننتظر يوم 3 نوفمبر.