خاص – مظفر إسماعيل:
اعتاد الممثل السوري في السنوات الأخيرة على التذمر من كثرة السلبيات التي تحيط بالدراما السورية، وأبرزها تعدي الآخرين على مهنة التمثيل، وانتشار المحسوبيات والشللية، وسحب الفرص منه لصالح أشخاص غريبين عن المهنة.
لكن، وبشكل مفاجئ، انتشرت مؤخرا ظاهرة غريبة تجسدت في توجه عدد كبير من الممثلين السورين، معظمهم من طبقة النخبة، إلى العمل في مجال تقديم البرامج، ليشقوا طريقهم في مجال الإعلام، إلى جانب تواجدهم في عدة أعمال درامية في موسم واحد.
ظاهرة أثارت الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي دفعت ممثلا أو ممثلة لهم من الشهرة نصيب كبير، ولديهم مدخول مادي مرتفع قياسا بالإعلاميين، إلى التعدي على مهنة لن تزيدهم نجومية أو شهرة.
الإمارات نيوز أجرت تحقيقا استطلعت خلاله آراء عدد من الإعلاميين السوريين، وأجابوا خلاله على بعض التساؤلات المتعلقة بهذه الظاهرة الغريبة، التي باتت تنتشر بشكل كبير بين الممثلين السوريين.
علاء محمد: الهدف من توجه الممثل إلى التقديم مادي فقط
اعتبر الإعلامي “علاء محمد” أن الدافع الرئيس لتوجه الفنان نحو تقديم البرامج إنما هو مادي بامتياز، وقال: “باعتقادي الهدف من توجه الفنان نحو تقديم البرامج هو مادي في الدرجة الأولى وبخاصة في سورية، حيث الأجور المحدودة لمعظم الممثلين باستثناء من يؤدي دور البطولة، وهذا الأمر اعترف به البعض ممن قدموا البرامج في السنوات الأخيرة”.
وأضاف: “لكن، قد نجد فنانين يتمتعون بحالة مادية مريحة يقدمون برامج مسابقات أو خلافها، وهؤلاء يريدون التعريف عن أنفسهم بعيدا عن عالم التمثيل، كأن يكون المراد تقديم الروح الحقيقية لهذا الفنان والتي لا يلمسها المشاهد في المسلسلات التي يؤدي فيها الممثل دورا مكتوبا عن روح شخص آخر يتقمصها هذا الممثل مجبرا على سبيل المهنة.. مثال ذلك جيني إسبر التي هدفت من برنامجها هذا الموسم على الفضائية السورية تقديم نفسها لحماً ودماً للجمهور من خلال التفاعل المباشر مع الجمهور، علما أنها لا تمر بضائقة مادية”.
وتابع: “أحيانا تكون لدى الفنان رغبة في خوض تجربة أخرى رديفة، ذلك من باب التنويع، ومثال ذلك رنا شميس في برنامج لازم نحكي، ودليل أن الهدف كذلك هو أن رنا ظهرت في حلقات من البرنامج تخوض في مواضيع لا تهتم لها ككرة القدم مثلا”.
وعن نجاح الممثل السوري في هذا المجال، اعتبر “محمد” أن “البعض نجحوا في التقديم مثل أيمن رضا وجيني إسبر ورنا شميس، في حين فشل آخرون لا داعي لذكرهم هنا”.
واختتم: “أما بخصوص تعدّي الفنانين على الإعلاميين في تقديم البرامج وسحب البساط من تحتهم، فأعتقد بأن الأمر غير دقيق ولعدة أسباب، فمن جهة هذه النوعية من البرامج تحتاج لنجوم في التقديم، والإعلامي في كثير من البلدان العربية أقل نجومية بكثير من الممثل، ومن جهة أخرى هناك برامج كثيرة قدمها إعلاميون ولم ينجحوا بها، أو على الأقل لم يبصموا في صميم الجمهور، اللهم إذا استثنينا إعلاميي لبنان أصحاب الباع في هذا المجال”.
ريم معروف: من حق الإعلامي أن يكون له برنامج.. وبرامج الممثلين أضرت بنا
من جهتها، اعتبرت الإعلامية “ريم معروف” أن الظاهرة تحمل عدة أسباب، فقد تكون من باب تجربة جديدة يحلو للبعض تجربتها، وربما استثمار للنجومية وضمان ريتنغ عالي باعتبار من يجيد التمثيل يجيد تقديم البرامج، وربما المال، وربما التواجد باستمرار.
وأضافت: “لا نستطيع أن نقول أن الظاهرة ضارة بشكل كبير عندما تكون قائمة على برنامج في العام أو برنامج في رمضان، أما أن تكرس في معظم الحالات عندها نقول أن هناك ضرر.. الإعلامي السوري الذي مارس المهنة لأعوام كثيرة ضمن برامج واستديوهات مستهلكة وبرواتب زهيدة جداً وبأفكار عادية، لعدم وجود سبونسرات تخدم الفكرة والضيف والمضيف، من حقه أن يكون له برنامج في العام يستقطب من خلاله جمهورا عريضا ويحقق نجومية تخدمه والمحطة التي يعمل بها”.
وحول نجاح تجربة الممثل، قالت: “بعض النجوم نجحوا والبعض الآخر لم ينجحوا، وهناك إعلاميون سوريون نجوم رغم كل العتمة المحيطة بهم، ورغم قلتهم، لكنهم موجودون وهم بحاجة إلى فرصة، فالممثل النجم أو النجم مهما كان لو لم تقدم له الإمكانيات الإنتاجية والاستديوهات الجذابة والجوائز القيمة، أو حتى في الحوار لو لم يأخذ حريته في التعاطي مع الضيف دون إحراج ودون رقابة، ولولا استضافة نجوم لما حافظ على نجوميته، يعني تخيل أن يأتي أحدهم إلى البرامج التي نقدمها نحن دون أية إمكانيات هل سيحافظ على نجوميته؟؟ أعتقد لا”.
وأشارت “معروف” إلى احتمالية أخرى، حيث أصبح الإعلام سوقاً برأيها كما التمثيل، لا أحد يريد أن يغامر فيه، فيأتي بالنجم الجاهز، وليس هناك استعداد لصناعة نجوم، موضحة: “هذا يحز في النفس، فأنا كإعلامية حريصة على الفن السوري وصورة الدراما السورية وممثليها، والإنتاج الضخم ووجود المحطات الخاصة هو المحرك للدراما، ونالوا نصيبا كبيرا منه ويستحقون العودة إلى المنافسة في سوق الدراما العربية، ونحن كإعلاميين من حقنا أن نجد اهتماما بإنتاج البرامج ووجود محطات خاصة والابتعاد قليلا عن المقص الرقابي ووجود رأسمال للوصول إلى نتائج مرضية في الإعلام كما في الدراما”.
لودا لقمان: أدواتهم لا تخدم التقديم.. ونجاحهم جاء من الدعم المادي والترويجي
أما الإعلامية “لودا لقمان”، فلم تعارض فكرة توجه الممثل إلى التقديم الإعلامي، معتبرة الأمر تجربة في النهاية ولا يمكن إلغاؤها كليا، شريطة أن تكون لمرة واحدة.
وأضافت: “نجاح التجربة مرهون برأي الجمهور، يمكن للممثلين أن يحكموا من تجاربهم السابقة أو تجارب أصدقائهم إذا كانت ناجحة أم لا، شعبيتهم تجعل الناس تتابع، بالنسبة لي أعتقد أن أدواتهم كممثلين لا تخدم التقديم، فكاميرا التقديم مختلفة تماما عن التمثيل والنص الجاهز والحبكة، لأن المقدم يتواصل مع مشاهدين لهم ردود أفعال مختلفة، كما أن عفويتهم لا تصل دائما بشكل صحيح للمشاهد، فالتقديم له أدوات مختلفة وإمكانيات مختلفة، والحوار مع المشاهد أو الفنان مختلف عن التمثيل”.
وعن سبب الظاهرة، قالت: “لا يمكن حسم السبب، فقد يكون رغبة بالتجربة، أو أن بعض شركات الرعاية تقدم مبالغ كبيرة لاسمهم، وفي رمضان تكون عجلة الدراما متوقفة ومتفرغة للعرض، فيجد الفنان فيه تجربة وإطلالة وأجور مغرية”.
وحول تأثيرهم على المذيعين، أشارت “لقمان” إلى أنه في مرحلة أو فترة معينة كانت هناك كثافة في ظهورهم على الشاشات، أخذت كثيرا من فرص المذيع، كما أن الدعاية والترويج تكون كبيرة على حساب المذيع الذي درس الإعلام بشكل أكاديمي.. ظهور برامج الممثلين أقوى لكنه ليس أهم، فالترويج يكون كبيرا والبرامج مدعومة ماديا والشكل البصري الذي يرافق البرامج يكون أوضح كثيرا.
واختتمت: “من الطبيعي أن أنحاز للمذيعين لأني خريجة كلية الإعلام، وخلال السنوات الأربع يكبر الحلم وننتظر العمل بمجال الإعلام والظهور على الشاشة لننمي خبراتنا ونكوّن جمهورنا، فالشاشة تقدم نجومية والممثل قادر على نيلها بسرعة، وبدون اللجوء للتقديم”.
صفاء أحمد: لم ينجحوا.. وسبب هذه الظاهرة يكمن في عجز الإدارات عن صناعة نجوم الإعلام
بدورها، اعتبرت الإعلامية “صفاء أحمد” أن الإعلام الوطني والخاص السوري، حاولا جذب الأنظار ودخلا حقل البرامج الإمتاعية عن طريق استخدام أشخاص مشهورين لتقليص المدة الزمنية التي تحتاجها صناعة النجم.
وقالت: “محطاتنا الوطنية لا تقارن باللبنانية التي صنعت النجوم، نحن لا نملك أشخاصا قادرين على صناعة نجم إعلامي، القنوات اللبنانية التي ربينا عليها كانت قادرة على صناعة نجوم كانوا عابري سبيل، فعند مصادفتهم أي شخص لديه صفات المقدم الناجح يصنعوه مباشرة”.
وتابعت: “النجاح حلقة متكاملة وفريق عمل متكامل، ما لم ينجح الفريق ككل لن ينجح المقدم، مهما كان نجما.. اعتمدنا على النجوم الجاهزين لأننا لم نصنع نجما، فالممثل محبوب في الشارع ويساهم في حرق المراحل”.
وحول نجاح برامج الممثلين، رأت “أحمد” أن النتائج كانت مخيبة للآمال، موضحة: “أنا لم أجد نجومية بينهم ولم يضيفوا شيئا لمهنة التقديم.. قد يكون النجم ناجحا في التمثيل والدراما لكن ليس من الضروري أن ينجح في التقديم”.
وأضافت: “الظاهرة أصبحت مستفزة لنا كإعلاميين، رغم أنه لا يستطيع أحد أن يأخذ مكان أحد، والناس تقيم ظهور الإعلامي والممثل، وتحدد الناجح من الفاشل.. وجود الفنانين كمقدمي برامج لم يؤثر على وجود الإعلاميين إلا من باب الشق المادي، حيث أثر محليا فقط، لكن عربيا العرب كلهم يعرفون قيمة الإعلامي السوري وتميزه إن وضع في المكان الصحيح”.
واختتمت بالقول: “أتمنى أن يكون لدينا أشخاص قادرون على صناعة نجوم.. لم تستطع كوادرنا الفنية أن تنجح في صناعة النجوم بسبب وجود إدارات غير مهنية، ولم تكتشف نجوما حقيقيين في مجال التقديم، نتمنى في المستقبل تدارك هذه الأخطاء”.