متابعة: نازك عيسى
تخيل عالماً يمكن فيه استبدال الإبرة التي تُغرس في ذراعك بلقاح يتم تطبيقه على بشرتك على شكل كريم، دون ألم أو تورم أو احمرار. هذا ما يعمل عليه باحثون من جامعة ستانفورد، الذين يسعون لتحويل هذا التصور إلى حقيقة من خلال استغلال نوع من البكتيريا التي تعيش على الجلد البشري. وقد أصبحت هذه الرؤية قريبة من التحقق.
ويقول الدكتور مايكل فيشباخ، أستاذ الهندسة الحيوية في الجامعة: “الجميع يكره الإبر، ولم ألتقِ بأي شخص لا يفضل فكرة استبدال الحقنة بكريم”.
ويضيف فيشباخ: “الجلد بيئة قاسية للغاية، جاف ومالح بشكل كبير، ولا يوفر الكثير من الطعام. من الصعب تخيل كائن وحيد الخلية يرغب في العيش هناك”.
ومع ذلك، توجد بعض الميكروبات القوية التي تتمكن من العيش على سطح الجلد، ومن أبرزها المكورات العنقودية الجلدية، وهي بكتيريا غير ضارة عادةً وتستوطن الجلد البشري. يقول فيشباخ: “تعيش هذه البكتيريا على كل بصيلة شعر لدى الإنسان تقريباً”.
ويضيف فيشباخ: “لعقود، كان العلماء يهملون دراسة بكتيريا الجلد، لأنهم لم يعتقدوا أن لها تأثير كبير على صحتنا. كانوا يظنون أنه لا يحدث الكثير هناك”. لكن تبين أن هذا الافتراض كان خاطئًا. ففي السنوات الأخيرة، اكتشف فريق فيشباخ أن الجهاز المناعي للبشر يستجيب بطريقة أكثر قوة ضد المكورات العنقودية الجلدية مما كان متوقعاً.
ركز الفريق في دراستهم الأخيرة على جزء مهم من الاستجابة المناعية وهو إنتاج الأجسام المضادة. أراد فيشباخ وزميلته دجينيت بوسبين معرفة ما إذا كان جهاز المناعة للفئران، التي لا تعيش على جلدها المكورات العنقودية الجلدية، سيتفاعل مع هذه البكتيريا إذا تواجدت على جلدها.
يقول فيشباخ: “كانت استجابة الفئران للأجسام المضادة مدهشة”. فبعد فترة، ارتفعت مستويات الأجسام المضادة بشكل تدريجي، وبدت وكأن الفئران قد تم تطعيمها. كانت استجابة الأجسام المضادة قوية جدًا ومحددة، كما لو كانت تتفاعل مع مسببات الأمراض.
وفوجئ الباحثون عندما اكتشفوا أن نفس الشيء يحدث لدى البشر. فقد أخذ الفريق عينات دم من متبرعين بشريين ووجدوا أن مستويات الأجسام المضادة ضد المكورات العنقودية الجلدية كانت مرتفعة كما لو كانوا قد تم تطعيمهم ضدها.
خطوة بخطوة، بدأ فريق فيشباخ في تطوير المكورات العنقودية الجلدية إلى لقاح حي يمكن استخدامه موضعياً. ووجدوا أن البروتين المسؤول عن إطلاق استجابة مناعية قوية في المكورات العنقودية الجلدية هو بروتين يُدعى Aap.
يعتقد الباحثون أن هذه الخلايا قد تعرض بعض أجزائها الخارجية لخلايا الجهاز المناعي التي تتسلل بشكل دوري عبر الجلد، وتتجمع عند بصيلات الشعر، ثم تعيدها إلى داخل الجسم لعرضها على خلايا مناعية أخرى مسؤولة عن تحضير استجابة الأجسام المضادة المناسبة لهذا الكائن الدقيق.