خاص الإمارات نيوز – سيد محمود سلام

لم يكن مسلسل” الاختيار” قبل عرضه على الشاشات المصرية، وبعض القنوات العربية، ضمن قائمة الأعمال المتوقع أن تثير جدلاكبيرا؛ إذ توقع كثيرون أن يأتي ضمن قائمة الأعمال التى تتناول حياة أحد ضباط الجيش المصرى، أو عملاً في قائمة أعمال بطله “أمير كرارة”.. أو كما تردد وكتب في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي “مجرد مسلسل دعائي”.. لكن ما حدث كان مفاجأ، إذ نجح مؤلفه باهر دويدار أن يخرج بعيداً عن التقليدية في التناول، فوضع خمسة خطوط رئيسية، ولم يركز فقط على السيرة الذاتية لبطل الأحداث الشهيد أحمد المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة، بل دفع المشاهد للتصديق بكل ما يبث على الشاشة بالتوثيق وهو أحد أهم الخطوط التي أسهمت في نجاح المسلسل، والتوثيق الذي ساعدت في توفيره جهات سيادية، تضمن مشاهد للجهادي الضابط المنشق على القوات المسلحة والذي تم القبض عليه وإعدامه، هشام عشماوى.. وبذكاء شديد نجح بيتر ميمي في أن يتعامل مع الخط العدائي الذي يقدمه الممثل أحمد العوضي، موازيا في نفس القوة مع الخط الرئيسى لبطل السيرة الذاتية أحمد المنسي، للتأكيد على فظاعة ما كان يقوم التيار السلفى،أو “بيت المقدس” .

أعمال وطنية سابقة

الأعمال الوطنية التي قدمت في مصر، والتي لم يتجاوز عددها العشرة أعمال، وأهمها “رأفت الهجان” للنجم محمود عبد العزيز، و”دموع في عيون وقحة” للنجم عادل إمام، وهما الأشهر في قائمة تضمنت مسلسلات “الجواسيس” و”عابد كرمان” و”السقوط فى بئر سبع” و”الصفعة” و”الزيبق” و” الحفار” و” الثعلب”.. لم تكن أعمالاً تحتمل التوثيق، فقط يتم الاستعانة بمشاهد من الحروب التي خاضتها مصر سواء فى 67 أو 73، ولم يكن الهدف من الحرب هو الإرهاب، كما هو الحال في مسلسل” الاختيار” فهنا الحرب واضحة، الإرهاب بصناعته، ومن يقفون خلفه من الإخوان، وفصائل أخرى داخلية وخارجية.

ضيوف الشرف عنصر نجاح

المسلسل أثار جدلاً واسعاً وما زال، حيث كان الخط الثالث الذى جاء معززاً للعمل هو الاستعانة بأكبر عدد من النجوم كضيوف شرف، كل نجم فى حلقة ،حيث تم الدفع بنجوم السينما الكبار وهم؛ محمد عادل إمام، كريم عبد العزيز، أحمد عز، محمد رجب، شريف منير، أحمد وفيق، كريم محمود عبد العزيز، إياد نصار، وغيرهم ،فتحولت الأنظار لدى المشاهد لهذا الخط، من سيكون مفاجأة الأحداث كل يوم، حتى أن الحلقة التي ظهر فيها محمد عادل إمام أصبحت “ترند” لأهمية الدور الإنساني الذي قدمه؛ حيث استشهد في الحلقة الخامسة.

وركز بيتر ميمي على مواقف إنسانية مهمة للبطل أحمد المنسى، كمحاولته مساعدة جهادي نطق الشهادة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، ورفض محمد عادل إمام إطلاق النار على جهاديين لوجود أطفال، هذه المشاهد تكسب الممثل تعاطفاً كبيراً.

الخطوط الثلاثة؛ التوثيق وضيوف الشرف وخط الجهادى هشام عشماوى.. لعب بها المخرج بيتر ميمى لكسب ثقة المشاهدين في واقعية العمل.. وكانت مساعداً قوياً للخط الرئيسي للبطل أحمد المنسي في كل مواقفه ومشاهده التي يقدمها في حربه على الإرهاب في سيناء.. كما كان التصوير الخارجي، وهنا لا يمكن أن نغفل الدور المهم لمدير التصوير، حسين عسر، أو الموسيقى التصويرية لتامر كروان، لم يفكر فى تقديم موسيقى صاخبة كموسيقى الأعمال الحربية، ولكن نسج موسيقى إنسانية، تاركاً الصخب لصوت الدبابات والرصاص، لتكون هي المعبر عن قوة الحرب التي يخوضها الجيش المصري ضد الإرهاب.

الأدوار الثانوية غلب عليها الطابع الإنساني، مثل دور والد المنسي الذي قدمه ببراعه الفنان القدير أحمد فؤاد سليم، الطبيب الذي يكشف في الحلقة الخامسة لنجله الأكبر أحمد المنسي أنه مصاب بالسرطان، وعليه أن يتولى رعاية أشقائه، بينما قامت سارة عادل بدور زوجة المنسي، ودينا فؤاد بدور زوجة هشام عشماوي، وقدم ضياء عبد الخالق دوراً سبق ان قدمه من قبل فى أعمال سابقة وهو قيادي في بيت المقدس.

يعد” الاختيار” تجربة خاصة جداً فى دراما هذا العام، بل يمكن إعتباره “الحصان الرابح” في سباق الدراما المصرية، كونه أهم عمل حقق رضا على المستوى الجماهيري والنقدي، رغم تقليدية الإخراج في مشاهد كثيرة، كمشاهد أحمد العوضي وهو يحاور رئيس الجماعة، وأدائه القسم، ولكنها مشاهد فرضتها حتمية التعامل مع أحداث واقعية، ولم يكن له أن يضيف درامياً أكثر مما تم الموافقة عليه من قبل جهات المتابعة الرقابية.