متابعة-جودت نصري
يمكن لبعض مرضى السكري أن يصوموا شهر رمضان بأمان، إذا اتبعوا الاستراتيجيات المطلوبة لحماية صحتهم، بينما يُمنع آخرون تمامًا من الصيام؛ ويعود القرار للطبيب المعالج وحده في السماح بالصيام أو عدمه.
وفي هذا السياق، يستطيع العديد من مرضى السكري صيام شهر رمضان بأمان والتمتع بجميع الفوائد الجسدية والنفسية لهذا الشهر الفضيل، بشرط الحصول على موافقة أطبائهم واتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية اللازمة.
فرصة لتحسين الصحة خلال شهر الصيام
يمكن لعوامل نمط الحياة مثل سوء التغذية والوزن الزائد والتدخين وعدم ممارسة الرياضة أن يكون لها عواقب سلبية على مستويات السكر في الدم والأنسولين، مما يجعل إدارة مرض السكري أكثر صعوبة.
يوفر شهر رمضان فرصة مثالية للتركيز على تبني نمط حياة صحي يقلل أو يزيل عوامل خطر الإصابة بمرض السكري، بينما يساهم في الوقت نفسه في خفض مستويات الكوليسترول وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
من الضروري زيارة الطبيب قبل شهر رمضان
خلال هذه الاستشارة، يمكن للفريق الطبي تقديم النصائح حول التعديلات في الأدوية التي يجب إجراؤها أثناء الصيام، وكيفية اختيار الأطعمة الصحية، وكيفية مراقبة مستويات السكر في الدم، وما هي الظروف التي قد تتطلب الإفطار.
لأن الصيام لا يغير أوقات الوجبات فحسب، بل قد يؤثر أيضًا على ساعات النوم وإيقاع الساعة البيولوجية وعادات الأكل والنشاط البدني وما إلى ذلك، ومن هنا تأتي أهمية التخطيط مسبقًا من خلال تطبيق الاستراتيجيات الأساسية لضمان الصحة المثالية خلال شهر رمضان.
مراقبة مستويات السكر في الدم
قد يتعرض مريض السكري خلال شهر رمضان لخطر الارتفاع أو النقصان الكبير في نسبة السكر في الدم، بالإضافة إلى خطر الإصابة بالجفاف. وتشمل المضاعفات الخطيرة الأخرى التي قد يواجهونها الحماض الكيتوني السكري، والذي قد يكون مهددًا للحياة، والذي يحدث عندما لا يكون هناك ما يكفي من الأنسولين في الجسم لاستخدام السكر وتحويله إلى طاقة، فيقوم الجسم بتكسير الدهون وإطلاق الكيتونات التي قد تتجمع في الدم، مما يؤدي إلى تحول لون الدم إلى اللون الأحمر. إلى سائل حمضي.
وللحد من هذه المخاطر، يجب على المرضى مراقبة مستويات السكر في الدم بشكل دوري. إذا أراد مريض السكري تقليل عدد المرات التي يقوم فيها بوخز أصابعه لقياس السكر، فيمكنه استخدام أجهزة قياس السكر المستمر في الدم. تحتوي هذه الأجهزة الصغيرة المؤقتة القابلة للارتداء على مستشعر تحت الجلد يمكنه قياس مستويات السكر لمدة 24 ساعة يوميا، والذي يستبدله المريض عادة مرة كل 10-14 يوما أو حسب الحاجة.
انتبه لبعض العلامات بحذر شديد
ومن المهم جدًا لمرضى السكر معرفة العلامات التحذيرية لارتفاع أو انخفاض نسبة السكر في الدم، ومتى يجب عليهم الإفطار في حالات الطوارئ الطبية.
تشمل علامات انخفاض نسبة السكر في الدم ما يلي:
يرتجف.
التعرق.
غثيان؛
مرهق؛
صداع؛
عدم انتظام ضربات القلب أو سرعتها، وما إلى ذلك.
تشمل أعراض ارتفاع نسبة السكر في الدم ما يلي:
عدم وضوح الرؤية
كثرة التبول؛
صداع؛
زيادة العطش و/أو الجوع.
إذا ظهرت أي من هذه الأعراض، يجب على المرضى قياس مستويات السكر في الدم على الفور. يجب على المرضى أيضًا الإفطار إذا كانت مستويات السكر في الدم أقل من 3.9 مليمول / لتر (70 مجم / ديسيلتر)، أو أكثر من 16.7 مليمول / لتر (300 مجم / ديسيلتر)، ولكن هناك بعض المرضى الآخرين الذين يجب عليهم الإفطار أو تناول وجبة الإفطار بمستويات مختلفة من السكر في الدم حسب أعمارهم وصحتهم العامة. ولذلك ينبغي مناقشة هذا مع فريق إدارة مرض السكري.
تناول الطعام باعتدال وبطريقة مدروسة
يمكن لبعض الأشخاص أن يزداد وزنهم خلال شهر رمضان بسبب عدة عوامل، منها قلة الحركة وتناول الكثير من الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات في وجبة الإفطار، أو تناول الكثير من الوجبات الخفيفة خلال فترة المساء التي تمتد إلى السحور.
عند وجبة الإفطار، غالباً ما يتناول الأفراد الطعام بسرعة، مما قد يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام، حيث قد تستغرق إشارات الشبع ما بين 15-30 دقيقة للوصول إلى الدماغ.
لذلك من الأفضل أن يتعاون المرضى مع أخصائي تغذية متخصص في مرض السكري لتحديد احتياجاتهم اليومية من السعرات الحرارية بهدف فقدان الوزن أو الحفاظ عليه حسب كل حالة. وعلى هذا الأساس يمكن وضع خطة غذائية مستدامة تضمن حصول الفرد على كميات متوازنة وصحية من العناصر الغذائية الأساسية، بما في ذلك البروتينات والدهون والكربوهيدرات، في وجبتي السحور والإفطار.
بشكل عام، نحن كأطباء ننصح المرضى بتناول ما بين 40-50% من سعراتهم الحرارية اليومية في وجبة الإفطار، وما بين 30-40% في السحور، والباقي كوجبة خفيفة في الليل.
هذا مع شرب كمية وفيرة وكافية من الماء خلال الفترة ما بين الإفطار والسحور، كما يجب التقليل من تناول المشروبات السكرية، أو تلك التي تحتوي على الكافيين.
وتصبح هذه الخطوات أكثر أهمية في المناطق الحارة أو مع ساعات النهار الطويلة، حيث يزداد خطر الجفاف وتشكل الحماض الكيتوني السكري.
ممارسة الرياضة باعتدال
يعد تنظيم نسبة السكر في الدم والوزن ودعم صحة القلب والأوعية الدموية من بين الفوائد الرئيسية للتمرين، ولكن يجب على الأفراد مناقشة خطط تمارينهم مع فريقهم الطبي.
ينبغي ممارسة التمارين الرياضية خلال شهر رمضان بحذر، خاصة إذا كان مرضى السكر يتناولون الأنسولين، مما يعرضهم لخطر انخفاض نسبة السكر في الدم عند ممارسة الرياضة. كثيرا ما ننصح بالمشي كوسيلة آمنة وصحية لممارسة الرياضة، ويفضل القيام به بعد وجبة الإفطار.