يرتبط الفنّ بالزهور ارتباطًا وثيقًا، فكلاهما يهدف إلى إثارة المشاعر و التقاط جوهر الجمال، سواء أكانت لوحات أزهار أو منحوتات، فإن التوازن الدقيق بين الضوء و الظل و التفاصيل المعقدة للبتلات و الألوان النابضة بالحياة للزهور تجعلها موضوعا مثاليا للتعبير الفنّي التشكيلي ، فمنذ الحضارات القديمة لعبت دوراً مهماً في تشكيل المشهد الثقافي الفني.
الأديبة والفنانة التشكيلية سناء هيشري، بلجيكية من أصل تونسي، نشأت مُحاطة بالمناظر الطبيعية الخلابة و الحدائق التي تتميّز بها بلجيكا، و زياراتها المتواصلة للغابات التي تتفتح فيها الأزهار، جعلها تعشق الأزهار، حيث ولد فيها تواصل مع الطبيعة.
هذه النشأة جعلت خيالها المطلق يأخذها لتضع الوردة على لوحة الكانفاس بطريقة غير عادية وفي مقام غير مألوف يصعب على المتلقي تفسيره و يجعله يقف أمامه ساعات و ساعات يتأمّلها و يا روعة التأمّل الذي يُؤدي إلى تغييرات جسدية ملموسة، إذ أنها دمجت الزهور في فنّها و صمّمتها لتنقل تجربتها الحسيّة إثر زيارتها لصحراء الإمارات العربية المتحدة ، ولتشاركنا رسائل و رموز تسافر بنا من خلال لوحات تفوح منها رائحة الإمارات لتحتفي بجمال الصحراء في عيد الحب.
وفي هذا السياق، قالت سناء: “الحمدللّٰه الذي أكرمني ، فإذا كانت دبي قد منحتني موطناً لِلوحاتي و احتضنت فنّي ، فقد وهبتني صحراء الإمارات تجربة غير عادية أيضا و ألهمتني لْأرسم الأزهار، أحببت هذه الصحراء و الجلوس على الكثبان الرمليّة، لا نرى شيئاً و لا نسمع شيئاً ، و مع ذلك فهناك شيء يضيء بصمت ، شيء يُنادينا و يهمس لنا..ومع كل خطوة أخطوها يغوص جسمي بشكل عميق في المواد الناعمة التي تتشكل بنار الأنهار و جليد الليالي المرصعة بالنجوم”.
وتابعت:” لقد أُتيحت لي الفرصة لاستكشاف أشهر و أكبر صحراء رملية في العالم ، صحراء دبي ، مكان استثنائي و متطلّب ، اتساع مزين بالذهب و الكثبان الرملية المتوهجة،
هذه الصحراء التي تنبض بالحياة حسب المواسم مكان يبدو فارغًا و لكنه مليء بالحياة، في حركة مستمرة، تعجّ بالنباتات الجميلة و الأزهار، مناظر طبيعية ذات جمال مذهل ، فبالنسبة لي المشي في صحراء الإمارات يعني مقابلة عالم لا نهاية له، حيث يصبح تغيير المنظور ممكناً”.
وأضافت:” رؤيتي للأزهار من منظور صحراء الإمارات جعلني أرسمها بطريقة أنيقة و مميزة و أعطيها مركزها الذي يليق بها ، لقد تفننت في تصميم مجسمات ثلاثية الأبعاد للأزهار باستعمال الكثير من المواد المتنوعة و الخروج الكلي عن المؤلوف و التقليد في نحت الزهور المتفتحة.. مزيج حقيقي من تاريخ و جمال طبيعة صحراء الإمارات و التي أُمثل بها بداية موسم جديد و نموّ و تغيير إيجابي لسنة 2024″.
وأكملت: “”زهور صحراء الإمارات” عنوان مجموعة لوحاتي الفنّيّة الثلاثية أبعاد الحدود، و هي مزج بين الرسم و النحت
بالأحمر و الوردي، رسمت زهرة القرنفل الملكيّ وهي زهرة عطر الملوك، إحدى أقدم الأزهار في الوجود ، بعضها رسمتُها بشكل ثنائيّة الألوان حيث نُلاحظ اختلاف ألوان حواف بتلاتها، وأوراقها اللامعة التي غطّت مساحة اللوحة بلونها الأخضر المائل إلى الأزرق، كما تتصدّر لوحاتي زهرة الأوركيد التي تمثل الرقي بامتياز ، وهي رمز الحب و والنقاء بمظهرها النحيف و الأنيق وأقلّ كلاسيكيّة من بقيّة الزهور”.
وتابعت: “تتكون كل لوحة من مئات ، إن لم يكن الآلاف ، من الزهور التي تم نحتها و رسمها و تلوينها بدقة لتغيير رؤية درجات ألوانها حسب الاتجاهات و حسب الزاوية التي يتم النظر منها، تقنيات و خط فني تشكيلي جديد، أُحطّم بها كلّ القيم الفنية في إنشاء اللوحة لِأُظهر فناً جديداً بملامح مُختلفة ، وأبعث للعالم برسائل إيجابية عن الحب و السلام من خلال أزهار صحراء الإمارات، لِتبقى الازهار أهمّ لفتة صادقة لمن تحب”.